منتدى مسيف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مسيف

 

الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة

     

     المنفى الهجرة والاغتراب (شعبة الاداب والفلسفة )

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    عاشقة الثلج
    عضو متميز
    عضو متميز
    عاشقة الثلج


    انثى
    عدد الرسائل : 166
    العمر : 31
    الموقع : أحلى مدينة
    المزاج : ممتازة
    البلد : المنفى الهجرة والاغتراب (شعبة الاداب والفلسفة ) 3dflag11
    الهواية : المنفى الهجرة والاغتراب (شعبة الاداب والفلسفة ) Travel10
    المزاج : المنفى الهجرة والاغتراب (شعبة الاداب والفلسفة ) 3310
    تاريخ التسجيل : 09/11/2011
    نقاط : 338
    حكمة اليوم : شق طريقك بابتسامتك خير ان تشقه بسيفك

    المنفى الهجرة والاغتراب (شعبة الاداب والفلسفة ) Empty
    مُساهمةموضوع: المنفى الهجرة والاغتراب (شعبة الاداب والفلسفة )   المنفى الهجرة والاغتراب (شعبة الاداب والفلسفة ) I_icon_minitimeالجمعة 16 ديسمبر - 22:36

    1المنفى، الهجرة والاغتراب:
    ثمّة تعالُقٌ دلاليٌّ، في اللغة العربية، بين مفردات المنفى والهجرة والاغتراب:
    ـ المنفى من الجذر «نفي»: جاء في (لسان العرب): نفى الشيءُ يَنْفِي نَفْياً: تنَحَّى، ونفى الرجلُ عن الأَرض ونَفَيْتُه عنها: طردته فانْتَفى، ونفى الشيءَ نَفْياً: جَحَده. وفي (مقاييس اللغة): النون والفاء والحرف المعتلّ أُصَيلٌ يدلُّ على تعْرِية شيء من شيءٍ وإبعاده منه. وفي (الصحاح في اللغة): نَفاهُ: طرده. وفي(القاموس المحيط): نَفاهُ ينْفِيه، ويَنْفوه عن أبي حَيَّانَ: نَحَّاهُ، فَنفا هو.وانْتَفَى: تنَحَّى.
    ــ الهجرة: جاء في (لسان العرب) الهَجْرُ ضد الوصل. هَجَرَهُ يَهْجُره هَجْراً وهِجْراناً: صَرَمَه، وهما يَهْتَجِرانِ ويَتَهاجَرانِ، والاسم الهِجْرة. الهِجْرة والهُجْرة: الخروج من أَرض إِلى أَرض. وهَجَر الشيءَ وأَهْجَره: تركه. وَهَجَر الرجلُ هَجْراً إِذا تباعد ونَأَى. وهي المعاني نفسها في المعاجم الأخرى.
    ــ الاغتراب: الغَرْبُ الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ. وقد غَرَبَ عنّا يَغْرُب غَرْباً، وغَرّب، وأَغْرَب، وغَرّبه، وأغربه: نَحّاه. والغَرْبة والغَرْب: النَّوَى والبُعْد، وقد تَغَرَّب. والتغريبُ: النفيُ عن البلد. وَغَرَب أَي بَعُدَ. والتَغَرُّب: البُعْدُ. والغُرْبة والغُرْب: النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ؛ والاغْتِرابُ والتغَرُّب كذلك؛ تقول منه: تَغَرَّب واغْتَرَبَ، وقد غَرَّبه الدهرُ. وفي (الصّحاح في اللغة): الغُرْبة: الاغتراب، تقول منه: تَغَرَّب واغتربَ، بمعنًى، فهو غريب وغَرُب أيضاً. والجمع الغُرَباء. والتَّغْريب: النفي عن البلد. وفي (القاموس المحيط): الغَرْب: المَغْرِب، والذَّهابُ، والتَّنَحِّي، وأوَّلُ الشَّيءِ، وحَدَّهُ، كالغَرْبة وقد تَغَرَّب. وبالضم النُّزُوحُ عنِ الوَطَنِ، كالغُرْبة والاغْترابِ والتغَرُّب. وفي (مقاييس اللغة): والغُرْبة البُعد عن الوطن، يقال: غَرَبَتِ الدَّار.
    يَظهر لنا أنّ المفردات الثلاث تتقاطع في معانٍ بينها قرابة واضحة دلاليّاً ونفسيّاً: هناك معنى التنحّي والبعد والنزوح عن الوطن من جهة، وهناك معنى الطّرْد والنّفْي من جهة ثانية.
    هذا التّعالُق هو نفسه الذي نجده في أدبيّات المنفى. في كتابه «تمثيلات المثقّف»، يصف إدوارد سعيد المنفى بأنّه «من أكثر المصائر إثارة للحزن»، مستخلِصاً أنّ النفي والطرد في التاريخ القديم كان عقاباً مروِّعاً للشخص المنفيّ، لأنه كان يعني سنواتٍ من التشرُّد الذي لا هدف له، بعيداً عن العائلة والأمكنة التي ألفها المرء، مثلما يعني نوعاً من النبذ وعدم الشعور بالاستقرار في المكان. وقد قارن إدوارد سعيد بين المنفى في الأزمنة ما قبل الحديثة والمنفى في العصر الحديث، فوجد أنّ دلالة المنفى في الحاضر تحوّلت من تجربة شخصية إلى تجربة جماعية أصابت شعوباً وأعراقا بكاملها تعرّضت للاقتلاع والتشريد والنفي القسري، ممثّلاً على ذلك بهجرة الفلسطينيين والأرمن(1). وقد وصل إلينا أنّ هناك مجتمعات شتاتٍ كاملة تبتعد، طوْعاً أو كرْهاً، عن أوطانها الأصلية، وتتخلّى عن لغتها الأم، وثقافاتها الأصلية لتصبح جزءاً من المجتمعات والثقافات الجديدة التي هاجرت إليها، مثل الأفارقة والمغاربيّين في فرنسا، والهنود والباكستانيين في بريطانيا. وقد أنتج هؤلاء آداباً مُهجّنة، وهم يتّخذون من الفرنسية أو الإنجليزية لغةً للتعبير والتواصل، كاشفةً عن حاجيات الذات الجديدة، وجُروحٍ في الوعي والكينونة، وتشظّياتٍ في الهويّة. وبسبب من ظروف الحرب في لبنان، أو الإضطهاد السياسي والحصار في العراق، أو بسبب الحرب في السنوات التي أعقبت احتلاله، والقمع واستحالة في أكثر من بلدٍ عربيّ، شهدت العقود الثلاثة الأخيرة هجرة كبيرة لمجموعاتٍ بشريّة كبيرة، وفيهم المثقّفون والأدباء، إلى البلدان الأجنبية التي استضافتهم كأيدٍ عاملة أو طلبة علْمٍ أو لاجئين سياسيّين. أليس صحيحاً أن النظرة إلى المنفى في الأدب، بل وفي الدين، تخفي ماهو رهيب وفظيع في حقيقته، وهو أنّ المنفى أمرٌ دنيويٌّ على نحو لا براء منه، وتاريخي بصورة لا تطاق، وأنه من فعل البشر بحق سواهم من البشر؟
    بوسعنا أن ننظر إلى المنفى، كما يرى منظّرو ما بعد الدراسات الاستعمارية، في اتّجاهين مختلفين: منفىً مفروض وآخر اختياري، مُميِّزين بين المنفى والاغتراب، فالأول مفروض، حيث لا يستطيع المنفيُّ العودة إلى وطنه الأم حتى لو رغب في ذلك، أما الثاني فهو اختياري نشأ نتيجة رغبة المرء في مغادرة وطنه، لأي سبب من الأسباب.
    ومن الصّعْب اليوم أنْ نضع تخطيطاً لمعنى المنفى ضمن هذه الظروف المعقَّدة من عمليات النزوح والشتات والاغتراب والاقتلاع والتشريد والنفي من جهة، ومن مسارات الرحيل الطوعي أو الهجرة بحثًاً عن الحرية أو الرغبة في الرقيّ بأوضاع المعيش من جهة ثانية. ولذلك، يحتفظ معنى المنفى بطبيعته المعقّدة، ويستوعب معنيي الهجرة والاغتراب معاً: الهجرة حين يجري السعي إلى المنفى وتفضيل الإقامة فيه اختياريّاً خارج الوطن، والاغتراب حين يُنظر إليه بوصفه حالة من الشعور بالعزلة والإبعاد اضطراريّاً داخل الوطن وخارجه. وبالنتيجة، من الصعب أيضاً أن نميّز بين الثلاثة، لأنّ هذا التمييز ليس دقيقاً كما يجب؛ فثمة تداخلٌ ومساحاتٌ رماديّةٌ تصل ما بين المنفى والاغتراب، ثمّ بين ذينك وبين الهجرة.
    وفي هذه الحالات جميعها، يمثّل المنفى واقعاً انتقاليّاً يتمُّ بالقوّة أو بالفعل، عندما يعني الانتقال من الأليف والمعلوم إلى الغريب والمجهول، ويعني مواجهة الكائن الإنساني لمصيره في حضرة رعب الوجود وقسريّته، وبالتالي ننتقل في الحديث عن المنفى من كونه واقعاً مستجدّاً إلى كونه تجربة إشكالية تقذف بالذّات المنفية في أتون أسئلة المصير والهويّة الملغزة. للمنفى، إذن، أسماء كثيرة ووجهان، داخليّ وخارجيّ. داخلي هو غُرْبَة المرء عن مجتمعه وثقافته بسبب سلطةٍ من السّلظ، فيصير داخل الوطن تعريفاً حادّاً للمنفى. وخارجيّا هو انفصال المرء عن مكانه الأول وعن جغرافيته العاطفية وعن فضائه المرجعي. وإذا كان الأوّل يجد متنقّس مدلولاته في الاغتراب بما هو شرخ في كينونة الذات، فإنّ الثاني يستتبع واقع الهجرة إلى المكان الغريب حيث الانقطاع عن الفضاء المرجعيّ يولِّد لدى الذات الفردية رقْصاً على الأجناب بين الـ«هنا» والـ«هناك».
    وليس هناك أقوى من الأدب للتعبير عن هذه التجربة، حيث تبرز لنا الطبيعة الغنيّة والمركَّبة لأدب المنفى عبر الموتيفات التي تلتمع في ذاكرته، وتتكرر في نصوصه الشعرية والسردية على السواء.

    أدب المنفى أم أدب المهجر؟

    عبر التاريخ الثقافي، كان هناك دائماً حيّزٌ محفوظ لأدب المنفى بتعبيراته المتنوّعة والنوعيّة، من عصر إلى آخر، ومن تجربة إلى آخرى، ذاتية وجمعيّة. فأدب المنفى قديم في الآداب الإنسانية، ويتجلّى حضوره في ثيمات الاستبعاد والخروج والهجرة القسريّة، ويتّخذ من لحظة النفي علامةً فاصلةً في تاريخ الفرد والجماعة، باعتبارها لحظة انتقالٍ نفسي زمنيّ تتمّ من وإلى المكان المهجور إليه، ومن ثمّة تنطوي على شرخ في سيرة الفرد مثلما في تاريخ الجماعة. وهذه اللحظة الانتقاليّة، بكلّ تجلّياتها وأشواقها، كانت في معظمها تستدعي سؤال الكينونة ومعنى الوجود، في سياقِ لا يشي إلّا بالاغتراب والحنين والشعور بالانفصال. لكنّ حضوره اليوم طاغٍ، باعتبار «عبور الحدود» الرمزيّة والمادّية الذي يتصاعد، وتجارب الهجرات الآلام والمصائر المجهولة التي تترتّب عنه هجرةً أو نفيًا أو لجوءًا، حتّى أصبح ثيمة غالبة، في سياق عصْرٍ متحوِّل، قياميّ.
    ولم يسلم الأدب العربي، عبر تاريخه الطويل، من تجربة المنفى الأدبي؛ فقد شعر الكثير من شعرائه وكتّابه بطعم الاغتراب والبعد عن الوطن، واشتاقوا إلى الأمكنة التي هجروها، لسبب قاهرٍ على الأرجح. تجسّدت معاناة هذه التجربة في صيغٍ كتابيّة متنوّعة، بدءأ من طلليّات الشاعر الجاهلي، ومروراً بكتّاب وشعراء ذاقوا النفي حنظلاً وكتبوا عنه، ولعلّ أشهر هؤلاء أبو حيان التوحيدي ودعبل بن علي الخزاعي وأبو فراس الحمداني والمتنبي وأبو تمام وابن عبد السلام الخشني وابن زيدون، إلى أحمد شوقي وسامي البارودي وعلال الفاسي وطه حسين وتوفيق الحكيم في العصر الحديث. لكن يبقى المهجر اللبناني إلى أميركا أو»الأندلس الجديدة» بتعبيرهم، في الربع الأوّل من القرن العشرين، هو الأبرز في تاريخ الأدب العربي.
    من مهجرٍ إلى آخر، كان الكُتّاب العرب يكابدُون مختلفَ حالاتِ النفْي، القسرية منها والاختيارية. والاغترابُ عن الوطن لا يعدو كونه إحدى هذه الحالات، بل ربّما صحّ القول إنه في الغالب أهون هذه الحالات، أي أخفّها وطأةً . وبسبب من الأوضاع المعقّدة التي تعيشها مجتمعاتنا العربية، والتحدّيات المصيرية التي تواجهها في الداخل والخارج، تعدّدتْ وتنوّعتْ مفاهيمُ «النفْي» و»المنفى» لدى المثقّف العربيّ، الذي يجدُ نفسه حائراً بين الشكوى من المنفى وبين التغني به، متنازَعاً بين منافيه الداخلية ومنافيه الخارجية . وقد شاع الكلامُ كثيراً عن المنفى ومفاهيمه في الأدب العربي الحديث، وصار واحداً من أبرز موضوعاته. ولم يدخل مصطلح أدب المنفى تاريخ الأدب العالمي إلّا في ثلاثينيات القرن العشرين.
    لكن «أدب المنفى» يُثير إشكاليْن: أوّلاً، أنَّه ليس نوْعاً أدبيّاً بالمعنى الدقيق، بقدر ما هو أدبٌ موضوعاتيّ يلازمه حدثٌ مهمٌّ ألا وهو النفي، سواء كان إجباريّاً أو اختياريّاً. ويغطّي أدب المنفى كل الأجناس الأدبية المعروفة من شعر ورواية وقصة قصيرة وملحمة ومسرحية، وأحيانًا يتجاوز المتعارف عليه من الأنواع الأدبية الرفيعة، ليُقدَّم في شكل يوميات أو شهادات أو سير ذاتية وغيريّة.
    ثانياً، أنّ مفهومه مُلْتبس وفضفاض وغير قارّ، يختفي سرعان ما يظهر مجدّداً في حُلّة مغايرة تتلوّن بألوان العصر وظلاله السياسية والسوسيو الثقافية، وتبعاً للسياق التاريخي والمعرفي الذي ظهر أو أُنْتِج فيه.
    وبغضّ النظر عن المُسمّيات التي أطلقها دارسو أدب المهجر الجديد، ورفض بعضهم لمُسمّى «أدب المهجر» بسبب من تغيُّر الحساسيّات ورؤى الكتابة، وتغيُّر الظروف الراهنة عن الظروف التي رافقت ولادة أدب المهجر، مٌفضّلين عنه مُسمّى «أدب الاغتراب» أو «المنفى»، إلّا أنَّنا آثرنا أن نأخذ بمصطلح «أدب المهجر»، لأنّه يتّسع لأدب المنفى، ويشتمل حتّى على معاني الغربة والنفي والحنين إلى الوطن والإغتراب بالمعنى الوجودي، وهي المعاني التي ظلّت ملازمة له، والموتيفات التي وسمته كظاهرةٍ أدبيّةٍ خلال النصف الأول من القرن الماضي وما بعده بتأويلات جديدة. وإذا كانت كلُّ هجرةٍ، بمعنى من المعاني، نفَْياً، فإنَّه ليس بالضرورة كلُّ نفْيٍ هجرَةً، فلكم عاش المرء منفاه، وذاق ويلاته وهو في وطنه حيٌّ يُرْزق. ثُمّ ليس كلُّ من عاش المنفى، خارجيّاً أو داخليّاً، كتب أدباً منفيّاً. إنّ مفهوم المنفى نفسه تغيَّر، وتغيّرت الشروط المستجيبة له، فعن أيّ منفى نتحدث اليوم في زمن صعود التكنولوجيات الجديدة التي حقّقت ما يُسمّى بـ«الشفافية الجغرافية»؟
    نعود إلى المهجر، ولا نشكُّ في أن مغادرة المكان الأول هي الشرارة الأصليّة التي تقدح نار الهجرة وتداعياتها. وإذا اختلفت أسباب الهجرة، واختلفت تبعاً لذلك دلالاتها وتجلّياتها. فإنّ المهجر لا ينطوي على القسر الذي ينطوي عليه المنفى، بل ينطوي على درجة من حرية الاختيار، ويبقي إمكانية العودة مفتوحة دائماً، حتّى وإن كانت الهجرة قسريّة أحياناً. ليس للهجرة ذلك التأثير النفسي الضاغط الذي يتركه المنفى على المهاجر. يشعر هذا الأخير أنَّه منفيٌّ، مُطارَد وغير مرغوب فيه، وهو ما يقوّي الشعور بالغربة والاغتراب لديه. مصطلح «المهجر» يستوعب أفق الدراسة، وله كفايته الإجرائيّة في التحليل، فيما «المنفى» و«النفي» مضلِّل ويوحي بمدلول سياسي وإيديولوجي لايمكن أن نعمّمه على كتاّب المهجر وشعرائه.
    وإذا كان مصطلح «أدب المهجر» ليس متداولاً إلا في كتب التاريخ الثقافي والأدبي، إلّا أنَّه لم يتراجع، بل هو في اطّرادٍ مستمرّ غيَّر حتى في الوعي بمدلول المهجر نفسه، في سياقٍ مُعَوْلم تأثّرت به طريقتنا في التفكير والتأويل؛ فلم يعد المهجر مهجراً بالمعنى القديم، ولا هو ذلك المكان الذي تقلّ احتمالات عودة من يذهب إليه، مثلما لم يعد الأديب المهجريّ بمنأى عن مجريات الأحداث في بلده الأمّ. وهو ما يدفع بقوة مفهوم «الحضور الغياب» كما طرحه «هيدجر» و»ليفيناس» و»دريدا» إلى حقل الدراسات الأدبية المقارنة، حيث الإنسان والكلمات والأشياء تحضر في الغياب، وتغيب في الحضور. ويقترح جورج شتاينر أطروحة ثاقبة مفادها أن أدب المهجر يمثل جنساً قائماً بذاته بين الأجناس الأدبية في القرن العشرين، عصر اللاجئين، وهو أدب كتبه المنفيّون، وعن المنفيين. يقول شتاينر: « يبدو صحيحاً أن أولئك الذين يبدعون الفن في حضارة شبه بربرية جعلت الكثيرين بلا وطن، لابدّ أن يكونوا هم أنفسهم شعراء مشرّدين ومترحّلين عبر حدود اللغة، شذّاذاً متحفظين نوستالجيين في غير أوانهم عمداً»
    يُعاد اليوم طرح السؤال المتعلّق بأدب المهجر، بقوّة وداخل تفسيرات خصبة وحادّة. وصار دارسوه يتحدّثون عمّا أسموه بـ«المهجرية الجديدة» في الأدب العربي، بعد أن هجر المئات من الأدباء والكتّاب بلادهم إلى دول وفضاءات وعوالم جديدة، في أوربا وأميركا الشمالية وأستراليا. وقد تأثّر هؤلاء بالثقافة والمحيط الاجتماعي الجديدين، ممّا وسم كتاباتهم الشعرية والنثرية في مجملها بسماتٍ خاصّة وجديرة للانتباه. لكن صيغة السؤال تبدو مختلفة هذه المرّة، فالبحث عن سمات وخصائص في نصوص هؤلاء المهاجرين الجدد، قد لا يتأتى بالقدر نفسه من السهولة والوضوح التي استطاع بها دارسو الأدب تحديد سمات أدب المهجر الذي نشأ في بدايات القرن العشرين.
    لقد تغيّر «أدب المهجر» العربي، وتجدّدت ظاهرة المهجريّة بصورة لافتة، وتعدّدت المَهاجر، بدايةً من الربع الأخير من القرن العشرين. ولقد ترتّب عن هذه الأوضاع المستجدّة ما نلمسه من ثراءٍ نوعيّ وكمّي في الحالات والمآلات التي استقرّت عليها وضعيّة المهجر الجديدة، وهي تتدرّج من سكون اللحظة وحيادها إلى المأساوية المكثّفة، مروراً بأشكالٍ من التغرُّب ونبرة الاحتجاج والإحساس اللذوعي بسؤال الوجود والكينونة لم يكن يعرفها ويرقى إليها وعي المهجريّين الأُول. وفي خضمّ ذلك، انخرط المئات من الأدباء في الكتابة باللغة العربية أو باللُّغات الأجنبية (الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية، الهولندية، الإسبانية وسواها)، وقد امتزجت في كتاباتهم هموم أوطانهم بالواقع الذي يحيونه في الدول المضيفة، وتوحي تجاربهم في الغربة بذكريات طفولتهم ونشأتهم الأولى، وهو أهمّ ما يشكّل أدبهم ومفهومهم للكتابة والتخييل، مستثمرين الهجرة كأفق للكتابة، وعاملين في أفق «الهوية المفتوحة»، وجدلية «الأنا» و»الآخر» غير القابلة للانفصام.
    وفي هذا السياق، من المهجريّين من بقي مندمجاً في حركة الثقافة العربية في الداخل، ومستكملاً عناصرها بوجودهم الشعري على مستوى النصوص والمشروعات الشعرية أو الحضور الثقافي، ومنهم من ظلّ تابعاً للمراكز الثقافية الكبرى، وهم بذلك يُكرّسون مركزيّة المركز الثقافي وينتفعون منه أيضاً، وهم نفَرٌ غير قليل. لقد بدت المهجرية الجديدة كأنّها «تبدأ من الانقطاع التامّ عن أيِّ ماضٍ وارث للمكان الجديد، سواء ماضيها الشخصي والثقافي، أي كينونتها هناك في الداخل، والانتماء إلى مشروع ثقافي أوسع هو مشروع الحداثة العربية».
    ومن جملة الآداب التي طبعتها ظاهرة المهجريّة الجديدة بقوّة، هناك الأدب المغربي المكتوب بالعربية أو بغيرها من اللغات الأجنبية.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    المنفى الهجرة والاغتراب (شعبة الاداب والفلسفة )
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » مقال جدلي لشعبة الاداب والفلسفة بالظاهرة التاريخية

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتدى مسيف :: منتدى التربية والتعليم :: قسم التعليم الثانوي-
    انتقل الى: