في ضيافة عميدة المجاهدات
الحاجة مسعودة
في يوم الخميس ثالث أيام العيد الكبير بتاريخ 12 من ذي الحجة 1426هـ، الموافق ل 12 من يناير 2006 ، اتجهنا إلى دوار أولاد العزّام ، بقصد إجراء حوار لقاء مع المجاهدة الحاجة مسعودة ، لم يكن بيننا موعد من قبلُ ، ولكن مناسبة العيد تجعل كل لقاء ممكن ، خاصة مع سكان البادية . وكان الأمر كما كان متوقعا ، فما إن طلبناها لتخرج لنا ، حتى ظهرت مُقبلة علينا ، وبعد أن سلّمت علينا وطلبت لنا القهوة ، راحت تسال على حالنا وأحوالنا ، فكانت وهي تحدثنا شعرنا وكأننا أمام كتاب تاريخ مفتوح ، فهي على أبواب القرن من الحياة أي من مواليد 1907 حسب شهادة الميلاد ،تحت اسم ـ مسعودة ساعد عزام ـ وحينما تحدّثك تشعر وكأنك في عالم القرن التاسع عشر ، فتتحدث بصوت يدل عالكلام و الحياء و الظرافة لهذه الإنسانة لى النية في صدق .
قصتها مع الثورة
- قالت بحياء و خجل كبيرين بأن – مولى بيتها ـ أي الزوج الشهيد كان قد استعمل المنزل كمركز منذ بداية الثورة التحريرية ، فكان البيت بمثابة مخزن لمختلف الأسلحة والمؤونة التي تجمع من هنا وهناك تحت إشراف الزوج الشهيد مبروك الدريدي لتنقل إلى المجاهدين في الجبال .فهي تتذكر الأسماء الثورية للمجاهدين الذين كانوا يتوافدون على المنزل ، إمّا للاجتماع فيه أو للعبور إلى قسمات أخرى ، فسردت أسماء الكثير منهم ، وكيف كانوا يستعملون المخبأ الأرضي – الكازمة – أي مطمور تحت الأرض ـ الذي لا يزال تحت أرضية المنزل . فالمنزل البسيط لا يزال على حاله منذ بداية الخمسينات من القرن العشرين بالرغم من عظمة ساكنيه .
مبروك الدريدي ، الزوج الشهيد
ـ ألقت قوات الاحتلال القبض على الشهيد الزوج ـ مبروك الدريدي ـ الذي كان يلقّب بـالسارجان أي الرقيب ـ إثر وشاية من أحد العملاء لقوات الاحتلال . فسِيق إلى المجهول ، و بيده بندقيته ، و لم يظهر عليه أي خبر منذ تلك اللحظة . كانت الحاجة مسعودة تحكي عن زوجها بفخر و اعتزاز ، و لكن شعرنا من نبرات صوتها الخجول ، بمشاعر إنس في صدر هذه الزوجة من ألم و حسرة و أسى على الزوج ، فهي إنسانة و زوجة انية لا تزالحنونة .
أحمد ، الأخ الشهيد
و بفخر متزايد ، راحت تسرد قصّة البطولة النادرة لأخيها أحمد الذي كان يصغرها ، فهو من مواليد 1919 ، و الذي كان على قدر كبير من الثقافة ، التحق بصفوف الثورة المسلّحة بالولاية الثانية التاريخية ، برتبة مساعد . استشهد سنة 1960 إثر محاصرة قوات الاحتلال مكان وجوده ، بوادي الصفصاف ببلدية بني فودة حالياَ .
ابنة العم مباركة ، هي خنساء حمام السخنة
كان الحديث شيّقا ، عشنا من خلاله بخيالنا في لوحات تاريخية تروي ملحمة من بطولات الثوار الأشاوس ، فكانت الحاجة مسعودة ، تتحدّث عن عائلتها الكبيرة التي أعطت الكثير من أبنائها للثورة التحريرية .فتحدّثت عن ابنة عمّها المجاهدة ـ مباركة ساعد عزام التي يحق لنا تسميتها بخنساء حمام السخنة ـ و كم كانت رغبتنا في تأدية واجب الزيارة لها ، هكذا أحسسنا ـ و لكن الحاجة مسعودة أعلمتنا ، بأنها تسكن في هذا الوقت بتاجنانت بولاية ميلة المجاورة . و قد جاء ذكر اسم هذه البطلة في كتاب ـ جهاد المرأة الجزائرية في ولاية سطيف و تضحياتها الكبرى 1954-1962- و هو كتاب لمديرية المجاهدين بالولاية من تأليف و تصنيف الدكتور عبد الكريم بو الصفصاف ، و جاء في الصفحة 271 من ذات الكتاب ما يلي :
ساهمت الخنساء مباركة ساعد عزام في مسيرة الثورة التحريرية ببطلين من أبطالها الأشاوس ، و قد استشهدا في معركة الشرف و الحرية ، مثل بقية الشهداء الذين قدّموا أنفسهم فداءَ للوطن و هما :
ـ الطيب ضيف
ـ بلخير ضيف.
آخر الكلام ، دعاء و نصيحة
بعد هذا الحديث الشيق مع الحاجة مسعودة ، و الترحاب التلقائي و المفعم بالمشاعر النبيلة ، و البسيط ببساطة سكان الأرياف و البادية ، ودّعنا الحاجة مسعودة و طلبنا منها دعوة الخير ، فكانت ترفع يديها إلى السماء متضرّعة إلى الله بدعاء لنا تطمئن له القلوب ، ثمّ طلبت منّا الحاجة طلباَ نتمنى بأن نلبّيه ، و هو حضور جنازتها يوم مماتها ، فقالت لنا : يا أولادي إن شاء الله تحضروا نهار نموت و تدفنوني ـ و سألها مرافقي عن رأيها في الدنيا ـ فقالت : يا أولادي الدنيا زلباحة غرّارة و خدّاعة ما تامنوهاش أبداَ ، و لا تنسوا أن تخرجوا العُشور [ العشر ] أي الزكاة ، لا ندري لماذا ركّزت على هذا الركن . رحم الله الشهداء الأبرار و أسكنهم فسيح جنانه آمين آمين آمين .
حيوا الشمال
حيوا الشمال يا شباب حيوا الشمال الأفريقي
حيوا الشمال قوموا للحزب الوطني يا شباب
على السطايفية ياحزني على السطايفية ياحزني
على السطايفية ماتوا عن حب الحرية ياحزني
حيوا الشمال يا شباب حيوا الشمال الأفريقي
حيوا الشمال قوموا للحزب الوطني يا شباب
بالطائرات فرنسا بالطائرات في قالمة
بالطائرات قتلت شبان وبنات ياحزني