منتدى مسيف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مسيف

 

الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة

     

     المؤسسات العلمية الثقافية في تلمسان الزيانية

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    زائر
    زائر




    المؤسسات العلمية الثقافية في تلمسان الزيانية Empty
    مُساهمةموضوع: المؤسسات العلمية الثقافية في تلمسان الزيانية   المؤسسات العلمية الثقافية في تلمسان الزيانية I_icon_minitimeالخميس 30 أكتوبر - 23:43

    المؤسسات العلمية الثقافية في تلمسان الزيانية










    بقلم / أ / محمد مشنان(*)

    كانت الحالة السياسية والاجتماعية للدولة الزيانية في أغلب فتراتها متميزة بالاضطراب ، إذ كانت الدولة محاصرة بهجمات الدولة الحفصية من الشرق تارة، وهجمات الدولة المرينية من الغرب تارة أخرى، وربما كان الزيانيون هم المغيرين على هؤلاء وأولئك تارة ثالثة، أضف إلى ذلك الفتن الداخلية التي لا تكاد تنطفئ حتى تشتعل مرة أخرى، لأسباب كثيرة منها التنافس عل العرش الذي كان قائما على أشده بين أفراد الأسرة الحاكمة(1).


    وقد يظن القارئ أن الحالة العلمية والفكرية قد أخذت المنحى المذكور سلفا ، ولكن من المفارقات ومن غرائب مجريات الأحداث أن الحركة العلمية فيه كانت نشطة جدا، وقد ظهر في هذا العصر عدد هائل من العلماء الذين تركوا تراثا علميا كبيرا توارثته الأجيال، وبقي تأثيره على الحركة العلمية في الجزائر وخارجها طيلة قرون متتالية.

    وقد تضافرت جملة من الأسباب استطاعت أن تقف في وجه الحالة السياسية والاجتماعية المتردية، فملوك الدولة الزيانية رغم تنافسهم على السلطة، واشتغالهم بالحروب ومواجهة الفتن الداخلية، فإنهم لم يعدموا من شرف تشجيع العلماء على التدريس والإنتاج والتأليف، ومن مظاهر اهتمامهم بالعلم تنشيط الحركة العلمية، إنشاؤهم ورعايتهم للمؤسسات العلمية والتربوية التي أدت دورا كبيرا في العصر، ويمكن إبراز ذلك فيما يلي:

    أولا- إحياء دور التعليم وبناء المدارس:

    لا يمكن للعلم أن يزدهر إلا حيث تنتشر مراكز التعليم، وكان من حظ تلمسان في هذا القرن أنها ورثت مجموعة لا بأس بها من المدارس ذات المستوى العلمي الكبير، شيّد الزيانيون أغلبها خلال فترات متعاقبة، وقد أشار يحيى بن خلدون إلى هذه المدارس بقوله: » …والمعاهد الكريمة«(2)، ووصفها الحسن الوزان بأنها: »حسنة، جيدة البناء، مزدانة بالفسيفساء وغيرها من الأعمال الفنية، شيد بعضها ملوك تلمسان وبعضها ملوك فاس«(3).[img:d02a]http://altareekh.com/doc/images/articles/195image[1].jpg[/img:d02a]

    وهذا عرض موجز لهذه المدارس:

    1-مدرسة ولدي الإمام: بنيت في عهد السلطان أبي حمو موسى الأول، وسبب بنائها أن الأخوين ابني الإمام دخلا تلمسان في عهد هذا السلطان فأكرمهما وابتنى لهما هذه المدرسة التي سميت باسمهما، وكان ذلك حوالي سنة 710هـ(4).

    2-المدرسة التاشفينية: بناها عبد الرحمن أبو تاشفين (718هـ-737هـ) بجانب الجامع الأعظم، وعين بها مدرسين من كبار العلماء من أمثال أبي موسى المشدالي، وكانت هذه المدرسة تحفة فنية رائعة، وقد وصفها المقري بأنها من بدائع الدنيا ، وللأسف أن يد الاستعمار الفرنسي قد أتت عليها فتم تهديمها دون مراعاة لما فيها من جوانب فنية وحضارية، وذلك ليبني مكانها دار البلدية، ثم نقلت بعض تحفها وزخارفها إلى متحف تلمسان، وإلى متحف كلوني في باريس(5).

    3-مدرسة أبي الحسن المريني بالعباد: بناها أبو الحسن المريني في منطقة تسمى العباد(6) سنة 748هـ، وذلك أيام استيلاء المرينيين على المغرب الأوسط(7).

    4- مدرسة أبي عنان المريني: أسسها أبو عنان ابن أبي الحسن المريني سنة 754هـ، بجانب مسجد الولي الصالح أبي عبد الله الشوذي الإشبيلي الملقب بالحلوي(Cool.

    5- المدرسة اليعقوبية: أسسها السلطان أبو حمو موسى الثاني (760-791هـ) .

    6-المدرسة التاشفينية: بناها عبد الرحمن أبو تاشفين على ضريح والده يعقوب وعميه أبي سعيد عثمان وأبي ثابت، وتمّ تدشينها في شهر صفر سنة 765هـ ، وقد احتفل بها هذا السلطان واعتنى بها، وأكثر عليها الأوقاف ورتب فيها الجرايات، وكان الإمام أبو عبد الله الشريف التلمساني واحدا من أكابر مدرسيها، ومن سوء الحظ أن هذه المدرسة قد اندثرت كغيرها من المدارس(9).

    مكانة هذه المدارس وطريقة التعليم فيها: يختار لهذه المدارس كبار العلماء ، ويمكن القول بأنها كانت بمثابة جامعات كبيرة، ومن ثم فلم يكن يلتحق بها إلا الطلبة الذين فرغوا من مراحل الدراسة الأولية: الكتاتيب والزوايا والمساجد.

    وكان التعليم فيها مجانيا، ويسير على خطوات مرحلية وفق نظم وتراتيب خاصة ، وذلك حسب مستويات الطلبة واتجاهاتهم العلمية(10)، وكان الطلبة الفقراء يسكنون في غرف تابعة لهذه المدارس، إلا أن حياتهم كانت صعبة كما وصفها الحسن الوزان، ولكنهم عندما يرتقون إلى درجة فقهاء يعين كل واحد منهم أستاذا أو عدلا أو إماما(11).

    ثانيا – انتشار المساجد والزوايا:

    لم يكن التعليم في تلمسان حكرا على المدارس والمعاهد فقط، بل كان نطاقه أوسع من ذلك، فقد كانت المساجد والزوايا مراكز علمية مساعدة ومكملة للمدارس الكبرى، ففيها يتلقى الطلبة المبادئ الأولية للعلوم، وينال العامة نصيبهم من العلم والثقافة(12).

    وتذكر لنا المصادر التاريخية أن عدد مساجد تلمسان بلغ حوالي 60 مسجدا(13)، وانتشرت منها المساجد التالية:

    1-الجامع الكبير: بناه المرابطون سنة 530هـ(14)، وهو أشهر المساجد وأكبرها، وقد أفادنا الوادي آشي ببعض العلوم والـفنون الـتي كانت تدرس فيه(15)، مما يبين أن الدروس التي تلقى فيها تضاهي ما كان يلقى في مدارس تلمسان الكبرى، ومن ثم يمكن اعتبار هذا المسجد جامعة على طريقة المتقدمين، وهو بذلك يضاهي جامع القرويين بفاس، وجامع الزيتونة بتونس، وجامع الأزهر بالقاهرة(16).

    2- مسجد سيدي أبي الحسن: أسسه السلطان أبو سعيد عثمان سنة 696 هـ، وكان هذا المسجد تحفة فنية معمارية(17).

    3- مسجد أولاد الإمام: كان تابعا للمدرسة التي بناها أبو حمو موسى الأول حوالي سنة 710هـ(18).

    4- مسجد سيدي بومدين: بني عام 73هـ في عهد أبي الحسن المريني، وأخذ اسم الوالي الصالح الذي دفن بجانبه(19).

    5- مسجد سيدي الحلوي: بناه السلطان أبو عنان المريني عام 750هـ، أيام استيلاء المرينيين على المغرب الأوسط كله، وهو بذلك من بين آثارهم في عاصمة الزيانيين(20).

    6- مسجد سيدي ابراهيم المصمودي: أسسه السلطان أبو حمو موسى الثاني إلى جانب المدرسة اليعقوبية سنة 765هـ(21).

    ثالثا– تشجيع المكتبات وخزائن الكتب:

    ما من شك في أن مثل هذه الحركة العلمية لا يمكن أن تنمو بمعزل عن مصادر المعرفة، وما من شك أيضا في أن علماء تلمسان وطلبتها كانوا مشتغلين بجمع الكتب ودراستها، يدل على ذلك كثرة المصنفات المعتمدة في الحياة الدراسية عندهم كما سنرى فيما بعد.

    أضف إلى ذلك أن ملوك بني زيان كانوا مهتمين بتعمير المكتبات خدمة للطلبة، ومن الأمثلة الحية على ذلك أن أبا حمو موسى قد أسس خزانة وسع فيها على الطلبة والراغبين في العلم(22)، وهذه الخزانة امتدت آثارها إلى القرن التاسع، بل ربما قد تزداد ضخامة واتساعا مع توالي السنين وازدهار الحياة العلمية، وإن كانت المصادر التي بين يدي لا تسعفني بذلك، ولكن هذا الاستنتاج ليس بعيدا عن الحقيقية بالنظر إلى المعطيات العلمية والثقافية السائدة وقتئذ.

    نتائج النهضة العلمية: كان لمؤشرات النهضة العلمية في القرن التاسع إفرازات ونتائج ملموسة في الواقع، وقد تمثل ذلك في ظهور الكثير من العلماء، الذين ساهموا في تطوير الحياة العلمية والفكرية في هذا القرن، رغم تدهور الأحوال الاجتماعية والسياسية، وقد كانت إسهاماتهم متنوعة، إذ اشتغلوا بالتدريس فكوّنوا خلفاءهم من العلماء والأئمة، وشاركوا في التأليف فتركوا للأجيال تراثا علميا زاخرا، وشاركوا في حركة الإصلاح ضد بعض التيارات المنحرفة التي ظهرت على مسرح الأحداث فعملوا عل تجنيب المجتمع من الوقوع فيها…، ومن أشهر هؤلاء العلماء عائلة المرازقة، وعائلة العقبانيين، وابنا الإمام، وابن زاغو، وابن العباس، والسنوسي، وابن زكري، والمغيلي، والمازوني، والونشريسي، والحوضي، والتنسي، وغيرهم…

    إن تلك المؤسسات العلمية والتربوية كانت تحتضن مجالس مختلف العلوم، وكانت تدرس فيها أمهات الكتب والدواوين، بدءا من القرآن والحديث وعلومهما، إلى العقائد وأصول الدين، والفقه وأصوله، واللغة وعلومها، والتصوف، والمنطق، والفلسفة، والطب، والهندسة، والفلك وعلوم الزراعة.

    وعن الإنتاج العلمي للقرن التاسع الهجري في عهد الزيانيين يقول الدكتور أبو القاسم سعد الله: »يعتبر إنتاج القرن التاسع… من أوفر إنتاج الجزائر الثقافي، ومن أخصب عهودها بأسماء المثقفين (أو العلماء) والمؤلفات، وفي إحصاء سريع أجريته لأسماء العلماء المنتجين خلال القرن التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر وجدت أن عددهم في القرن التاسع يفوق أعدادهم في القرون الباقية متفرقة… وكثير من إنتاج القرن التاسع ظل… موضع عناية علماء القرون اللاحقة...«(23).

    الهوامش :

    * أستاذ بكلية العلوم الإسلامية ـ الجزائر

    (1) للمزيد حول الحالة السياسية للدولة الزيانية انظر الجزء الخاص بتاريخ الدولة الزيانية في المصادر والمراجع التالية: تاريخ بني زيان ملوك تلمسان للتنسي، تاريخ الجزائر العام لعبد الرحمن الجيلالي، تاريخ الجزائر في القديم والحديث لمحمد الميلي، تلمسان عبر العصور لمحمد طمار.

    (2) بغية الرواد ليحيى بن خلدون: 1/86.

    (3) وصف إفريقيا للحسن الوزان: 2/19.

    (4) انظر: بغية الرواد: 1/130؛ تاريخ الجزائر العام: 2/249؛ تاريخ الجزائر في القديم والحديث: 2/491؛ تاريخ بني زيان ملوك تلمسان: ص139، الجزائر في التاريخ (العهد الإسلامي) لمجموعة من الأساتذة: ص438.

    (5) انظر: أبو حمو موسى الزياني حياته وآثاره لحاجيات: ص61-62، تاريخ الجزائر العام: 2/249، تاريخ الجزائر في القديم والحديث: 2/491، تاريخ بني زيان: ص141، تلمسان عبر العصور: ص128، الجزائر في التاريخ: ص 438،نفح الطيب للمقري: 6/47؛Les monuments arabe de Tlemcen .p21

    (6) قرية على بعد 2 كلم من تلمسان، بها دفن الشيخ أبو مدين شعيب وعلماء وصالحون وملوك.انظر: تاريخ بني زيان: ص286، وصف إفريقيا للحسن الوزان: 2/24.

    (7) انظر: تاريخ الجزائر العام: 2/249، تاريخ الجزائر في القديم والحديث: 2/491، تلمسان عبر العصور: ص133، الجزائر في التاريخ: ص438،503، المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا أبي الحسن لابن مرزوق: 406؛ Les monuments arabes de tlemcen:274

    (Cool الجزائر في التاريخ: 438.

    (9) انظر: أبو حمو موسى الزياني حياته وآثاره: ص160،182، تاريخ الجزائر العام: 2/249؛ تاريخ الجزائر في القديم والحديث: 2/491، تاريخ بني زيان ملوك تلمسان، مع تعليق المحقق: ص180،الجزائر في التاريخ: ص438، رحلة القلصادي: ص104.

    Yahia ibn khaldoun histoire de Beni abd el-wad traduit par Alfred bel 169-170 p

    (10) انظر:تاريخ الجزائر العام: 2/249.

    (11) وصف إفريقيا: 2/334، وانظر: تلمسان عبر العصور: ص.219.

    (12) انظر: الحياة الفكرية بتلمسان، لحاجيات،مجلة الأصالة، العدد26، ص 138؛ الجزائر في التاريخ: ص438.

    (13) انظر تاريخ الجزائر العام: 2/252، تاريخ الجزائر الثقافي: 1/34.

    (14) انظر: الجزائر في التاريخ: ص349؛ جوانب من الحياة في المغرب الأوسط لبو عياد: ص81، تلمسان عبر العصور: ص44، جولة عبر مساجد تلمسان لرشيد بورويبة، مجلة الأصالة، العدد 26، ص172؛ Les monuments arabes de Tlemcen .p140

    (15) وسيأتي ذكرها أثناء الحديث عن نشأة ابن زكري العلمية وما تلقاه من العلوم.

    (16) الحياة الفكرية بتلمسان في عهد الزيانيين: ص138.

    (17) انظر: الجزائر في التاريخ: 396، جوانب من الحياة في المغرب الأوسط: 81، جولة عبر مساجد تلمسان: الأصالة، 26/172؛ Les monuments arabes de Tlemcen:170

    (18) انظر: الجزائر في التاريخ:397، جوانب من الحياة في المغرب الأوسط: 81، جولة عبر مساجد تلمسان، الأصالة: 26/176؛ Les monuments arabes de Tlemcen:185

    (19) انظر: الجزائر في التاريخ:500؛ جوانب من الحياة في المغرب الأوسط: 81، جولة عبر مساجد تلمسان،الأصالة: 26/181؛ Les monuments arabes de Tlemcen:304

    (20) انظر:تاريخ بني زيان:179 –180؛ الجزائر في التاريخ: 503؛ جوانب من الحياة في المغرب الأوسط:81، جولة عبر مساجد تلمسان، الأصالة: 26/176؛Les monuments arabes de Tlemcen:285.

    (21) انظر: الجزائر في التاريخ:500؛ جوانب من الحياة في المغرب الأوسط: 81، جولة عبر مساجد تلمسان،الأصالة:26/178؛ Les monuments arabes de Tlemcen:240

    (22) تلمسان عبر العصور: 207.

    (23) تاريخ الجزائر الثقافي: 1/25.

    المصدر : مجلة رسالة المسجد ، عدد ( صفر : جمادى الأولى) 1424هـ ( 87)
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    المؤسسات العلمية الثقافية في تلمسان الزيانية
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » احدث البحوث العلمية لعلاج السرطان

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتدى مسيف :: المنتدى العام :: قسم المواضيع العامة-
    انتقل الى: