دخلت امرأة على هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه، فقالت: يا أمير المؤمنين: أقر الله عينك، وفرحك بما آتاك، وأتم سعدك لقد حكمت فقسطت، فقال لها: من تكونين أيتها المرأة. فقالت: من آل برمك ممن قتلت رجالهم، وأخذت أموالهم، وسلبت نوالهم. فقال: أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله، ونفذ فيهم قدره، وأما المال فمردود إليك، ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه، فقال: أتدرون ما قالت هذه المرأة، فقالوا: ما نراها قالت إلا خيراً. قال: ما أظنكم فهمتم ذلك، أما قولها أقر الله عينك، أي أسكنها عن الحركة، وإذا سكنت العين عن الحركة عميت، وأما قولها: وفرحك بما آتاك، فأخذته من قوله تعالى: "حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة" وأما قولها: وأتم الله سعدك، فأخذته من قول الشاعر:
إذا تم أمر بدا نقصهترقب زوالا إذا قيل، تم
وأما قولها لقد حكمت فقسطت، فأخذته من قوله تعالى: "وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً" الجن: 15،، فتعجبوا من ذلك.
---------------------------------
قال السماك الزاهد لهارون الرشيد و قد دعاه الى قدح ماء ليشربه
فقال له يا امير المؤمنين لو منعت منك هذه الشربة بكم تشتريها
فقال هارون الرشيد بملكي كله
فقال له السماك فلو منعت خروجها منك (لم تتبول ) فبكم تشتريها
فقال هارون بملكي كله
فقال لا خير في ملك لا يساوي شربة و لا بولة.
------------------------------------------
دخل أحد النحويين السوق ليشتري حمارا فقال للبائع :
أريد حمارا لا بالصغير المحتقر و لا بالكبير المشتهر
ان أقللت علفه صبر
وان أكثرت علفه شكر
لا يدخل تحت البواري
و لا يزاحم في السواري
اذا خلا في الطريق تدفق
و اذا كثر الزحام ترفق
فقال له البائع : دعني اذا مسخ الله القاضي حمارا بعته لك.
--------------------------------------------
قيل لأشعب :
قد صرت شيخا كبيرا
وبلغت هذا المبلغ و لم تحفظ من الحديث شيئا
فقال :
بل و الله ما سمع احد عكرمة مثل ما سمعت
قالوا : حدثنا
قال :سمعت عكرمة يحدث عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : خلتان لا يجتمعان في مسلم
نسي عكرمة واحدة و نسيت انا الاخرى.
--------------------------------------------
دخل الأصمعيّ يومًا على هارون الرشيد بعد غيبة كانت منه. فقال له الرشيد: يا أصمعيّ، كيف كنتَ بعدي؟ فقال: ما لاقَتْني بعدَك أرضٌ. فتبسّم الرشيد. فلما خرج الناس، قال للأصمعي: ما معنى قولك "ما لاقتني أرض"؟ قال: ما استقرّت بي أرض، كما يُقال فلان لا يليق شيئًا أي لا يستقرّ معه شيء. فقال الرشيد: هذا حسن. ولكن لا ينبغي أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خَلَوتَ فعلِّمني، فإنه يقبح بالسطان أن لا يكون عالمًا: إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذا لم أُجِب، وإما أن أجيب بغير الجواب فيعلم من حولي أني لم أفهم ما قلتَ. قال الأصمعيّ: فَعَلَّمَني الرشيد يومها أكثر مما عَلَّمْتُه.
--------------------------------
حكى الأصمعيّ قال: كنت أقرأ "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا، نكالاً من الله، والله غفور رحيم"، وبجنبي أعرابي،
فقال لي: كلام من هذا؟
فقلت: كلام الله.
قال: أعدْ.
فأعدتُ. فقال: ليس هذا كلام الله.
فانتبهت، فقرأت: "والله عزيز حكيم". فقال: أصبت، هذا كلام الله. فقلت: أتقرأ القرآن؟ قال: لا. فقلت: من أين علمت؟
قال: يا هذا، عزّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لَمَا قطع!
---------------------------------
بَلغَ الخليفةَ العباسي هارون الرشيد أنّ عجوزا ادّعت النبوّة فأمر بإحضارها إلى مجلسه ، لما أحضرت سألها ׃ أمَا علِمتِ يا امرأة أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال׃" لا نبيّ من بعدي " ، فقالت بلى، ولكن أمَا عَلمْت يا أمير المؤمنين أنه قال ׃لا نبيّ ولم يقل لا نَبيّة من بعدي .
---------------------------------
جاءت امرأة إلى الحجّاج بن يوسف الثّقفي تلتمس أن يُطلِق صَراح زوجها وأخيها وابنها الذين كان قد أسَرَهم بعد انتصاره في معركة وادي الجماجم ، فقال لها ׃ مادامت لك الشجاعة لتواجهي الأمير فإني سأقبل أنْ أفرّج عن أحدِهم فأيّهم تختارين? فكرت المرأة لوهلة ثُم قالت׃ الزوج موجود والابن مولود والأخ مفقود، أختار الأخ . فأُعْجبَ الحجاجُ بجوابها و أفرج عن الثلاثة.
---------------------------------
كان أحد الأعراب في بيته فجاء رب الدار( المُؤْجٍر ) يطالبه بالأجرة٬ فقال له ׃ أصْلحْ هذا السقفَ أولا فإنه يُطقطِق. فقال المؤجر׃ لا عليك فإنه يسبٍّح لله ٬فقال الرجل׃ أخشى أن يدركَه الخشوع فيسجدَ.
----------------------------------
زار بعضهم نحويا مريضا فقال له ما الذي تشكوه
قال حمى جاسية نارها حاميه منها الاعضاء واهية و العظام باليه
فقال له : لا شفاك الله بالعافيه و ياليتها كانت القاضية.
----------------------------------------------
دخل شريك بن الأعور ( وكان دميما ) على معاوية ، فقال له معاوية :إنك لدميم ، والجميل خير من الدميم ، وإنك لشريك ، وما لله من شريك ، وإن أباك أعور ، والصحيح خير من الأعور، فكيف سدت قومك؟
فقال له : إنك معاوية ، وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت الكلاب؛ وإنك لابن صخر والسهل خير من الصخر، وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب، وإنك لابن أمية ، وما أمية إلا أمة صغرت . فكيف صرت أمير المؤمنين؟
جيء بأعرابيّ إلى أحد الولاة لمحاكمته على جريمة أُتهم بارتكابها ، فلما دخل على الوالي في مجلسه ، أخرج كتاباً ضمّنه قصته ، وقدمه له وهو يقول : هاؤمُ إقرأوا كتابيه ..
فقال الوالي : إنما يقال هذا يوم القيامة .
فقال : هذا والله شرٌّ من يوم القيامة ، ففي يوم القيامة يُؤتى بحسناتي وسيئاتي ، أما أنتم فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي .
قيل لأعرابيّ : ما يمنعك أن تغزو ؟ فقال : والله إني لأبغض الموت على فراشي فكيف أمضي اليه راكضاً .
ألحَّ سائلٌ على أعرابيّ أن يعطيه حاجةً لوجه الله ،
فقال الأعرابيّ : والله ليس عندي ما أعطيه للغير .. فالذي عندي أنا أولى الناس به وأحقّ !
فقال السائل : أين الذين كانوا يؤثرون الفقير على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ؟
فقال الأعرابيّ : ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافا .
حضرَ أعرابيّ سُفرة هشام بن عبد الملك ، فبينا هو يأكل إذ تعلّقت شَعْرة في لقمة الأعرابيّ ، فقال له هشام : عندك شَعْرة في لُقمتك يا أعرابيّ ! فقال : وإنك لتلاحظني ملاحظة مَن يرى الشَعرة في لُقمتي ! والله لا أكلتُ عندك أبداً ! وخرج وهو يقول :
وللموتُ خيرٌ من زيارةِ باخلٍ = يُلاحظُ أطرافَ الأكيلِ على عمدِ
جاء في الأثر أنه عرض على أبي مسلم الخولاني جواد أصيل,
فقال لقواده: لماذا يصلح هذا؟
فقالوا له: للجهاد في سبيل الله.
فقال:لا.
فقالوا له: فلماذا يصلح أصلحك الله؟
فقال: أن يركبه الرجل و يهرب من جار السوء؟
:D:D:D
و جاء أيضا أنه دخل رجل مذنب على سلطان فقال له:
بأي وجه تلقاني؟
فقال الرجل: بالوجه الذي ألقى به الله, وذنوبي إليه أعظم و عقابي أكبر. فعفا عنه.
دخل طفيلي على قوم يأكلون, فقال ما تأكلون؟ فقالوا:
سُمًّا , فأدخل يده في الجفنة و قال: الحياة بعدكم حرام
:D
جاء في العقد الفريد لابن عبد ربه أنه:
التقطت الأرنب ثمرة فاختلسها الثعلب فأكلها, فانطلقا يتخاصمان إلى الضب، فقالت الأرنب: يا أبا حسل
فقال: سميعا دعوت.
قالت: أتيناك نختصم.
قال: عادلا حكّمتُما.
قالت: فاحرج إلينا.
قال: في بيته يُؤتى الحكم.
قالت: إني وجدت ثمرة.
قال: حلوة فكُليها.
قالت: اختلسها مني الثعلب.
قال: لِنفسه بغى الخير.
قالت: فلطمتُه.
قال: بحقكِ أخذتِ.
قالت: فلطمَنِي.
قال: حر إنتصرَ.
قالت: فاقضِ بيننا.
قال: لقد قضيتُ.
:D:D:D
و جا ء عن ابن قتيبة أنه كان من حمقى قريش، معاوية بن مروان أخو عبد الملك بن مروان، فبينما هو واقف ينتظر عبد الملك،أخوه، سمع صوت رحى تدور فاتجه نحو الصوت ختى دخل طاحونة عند صاحبها حمار، و في عنق الحمار جُلجُل، فالتفت إليه و قال: لم جعلت في عنق الحمار جُلجُلاً ؟
فقال: ربما أدركتني سأمة أو نعسة، فإذا لم أسمع صوت الجلجل علمت أنه وقف، فصحت به، ولكل حيلة مقابلها.
فقال معاوية: أرأيت إن قام و حرك رأسه، فمن مُعْلِمُك أنه واقف؟
قال صاحب الطاحونة: إنما الذكي أنا و من لحماري بمثل ذكاء الأمير