أخبرنا أبو أحمد ، عن عبدالله ، عن الفضل ، عن إبراهيم ، عن الواقدي. وأبو القاسم ، عن العقدي ، عن أبي جعفر ، عن المدائني عن رجالهم قالوا:
خرجت قريش في شوال سنة ثلاث من مكة حنقين يطلبون ثأرهم ببدر في ثلاث آلاف ، وفيهم مائتا فرس ، وقيل مائة وسبعمائة دارع ، فلما دنوا من المدينة راح رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الجمعة في سبعمائة ولواؤه مع علي بن أبي طالب وفيهم فرسان فرس لرسول الله وفرس لأبي بردة بن (نيار).
فلما صلى الغداة يوم السبت قدم لواءه والتقى الجمعان ، فقتل من المشركين تسعة ثم انهزموا وحوى المسلمون عسكرهم ، فبصر خالد بن الوليد وهو على خيل المشركين خلو موضع الرماة ، فحمل على المسلمين فانكشفوا وقتل أربعة من المهاجرين. حمزة بن عبد المطلب ، وعبد الله بن جحش ، وشماس بن عثمان ، ومصعب بن عمير ، وستة وستين رجلاً من الأنصار ، وأصيبت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم ، وشج في وجنته ، وعلاه ابن قمئة بالسيف فوقاه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فسلت أصبعه- أي قطعته - .
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في الوادي وتبعه أبي بن خلف ، فعطف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده حربه فطعنه بها طعنة خفيفة فوجد منها ألماً شديداً ، فقيل له : ما عليك بأس لو كانت هذه بعين أحدنا لم يألم ، فقال : لو أن ما أجده بجميع الناس لماتوا ثم مات ، فلما أراد المشركون الانصراف أشرف أبو سفيان على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرض الجبل فنادى بأعلى صوته:اعل هبل ، فقال عمر بن الخطاب : الله أعلى وأجل ، فقال : قد أنعمت يا ابن الخطاب ، ثم قال : أين ابن أبي كبشة ؟ أين ابن أبي قحافة ؟ أين ابن الخطاب ؟ فقال عمر : هذا رسول الله ، وهذا أبو بكر ، وها أنا ذا عمر. فقال أبو سفيان : يوم بيوم بدر الأيام دول والحرب سجال. فقال عمر : لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. قال : إنكم لتقولون ذلك لقد خبنا إذاً وخسرنا ، ثم قال : لنا العزى ولا عزى لكم. فقال عمر: الله مولانا ولا مولى لكم ، ثم قال : قم يا ابن الخطاب أكلمك فقام ، فقال : أنشدك بدينك هل قتلنا محمداً؟ فقال: اللهم لا وإنه ليسمع كلامك ، قال : أنت أصدق عندي من ابن قمئة وكان أخبرهم أنه قتله ، ثم قال : ليس الذي تجدونه من المثلى في قتلاكم من رأس سراتنا ، ثم أدركته الحمية فقال : بل لم نكره ما كان منها ، وانصرف ، وقال : موعدكم البدر الصغرى في العام المقبل