بسم الله الرحمن الرحيم
أفضـــــــــل و أعــــظم أيــــــام الدنيـــــــا
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ
وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }
الحمد لله الذي خلق الزمان, وفضّل بعضه على بعض,
فخصّ بعض الشّهور والأيام والليالي بمزايا وفضائل يُعظم فيها الأجر،
ويَكثر الفضل رحمة منه بالعباد, ليكون ذلك عْوناً لهم على الزيادة
في العمل الصالح والرغبة في الطاعة،
وتجديد النشاط ليحظى المسلم بنصيب وافر من الثواب،
فيتأهب للموت قبل قدومه ويتزود ليوم المعاد. .
ومن فوائد مواسم الطاعة سدّ الخلل واستدراك النقص وتعويض ما فات،
وما من موسم من هذه المواسم الفاضلة إلا ولله تعالى فيه و
ظيفة من وظائف الطاعة يتقرب بها العباد إليه، و
لله تعالى فيها لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته،
فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه
بما فيها من طاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات،
فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات ..
*ما ينبغي فعله في أيام عشر ذي الحجة*
عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام
"-يعني أيام العشر- قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟
قال:"ولا الجهاد في سبيل الله, إلا رجل خرج بنفسه
وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري
فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة..
لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح
في أيام العشر، والصيام من أفضل الأعمال..
وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي ..
قال الله عز وجل :" كل عمل بني آدم له إلا الصيام
فإنه لي وأنا أجزي به" أخرجه البخاري
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين
أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية،
وبيّن فضل صيامه فقال:" صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة
التي قبله والتي بعده" رواه مسلم
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر،
فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"رواه أحمد
والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات, فيسن التكبير والتحميد والتهليل,
وذكر الله تعالى, إظهاراً للعبادة, وإعلاناً بتعظيم الله تعالى, و
يجهر به الرجال, وتخفيه النساء..
قال تعالى :
( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ )
والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس
رضي الله عنهما: "الأيام المعلومات هي أيام العشر"..
وقت التكبير
ويبدأ التكبير المقيد بأدبار الصلوات في حق غير المحرم من صلاة الفجر
يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ..
صفة التكبير
أن يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله , والله أكبر الله أكبر ولله الحمد..
والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة , فلا تكاد نسمعه إلا من القليل،
فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين،
وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما
كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما،
والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده ,
وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع..
(والجهر للرجال دون النساء) فأوصي أولادك , وزوجك , وإخوانك ,
لتنالي أجر تكبيراتهم, وأيضا أجر من يسمعهم فيحذوا حذوهم..
الدليل على مشروعية صلاة العيد (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ..
كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده يداومون عليها,
وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام بها حتى النساء, فيسن للمرأة حضورها غير متطيبة ولا لابسة لثياب زينة ولا شهرة, لقوله:
"وليخرجن تفلات, ويعتزلن الرجال, ويعتزل الحيض المصلى"..
قالت أم عطية رضي الله عنها: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد,
حتى تخرج البكر من خدرها, وحتى تخرج الحيض, فيكن خلف الناس,
فيكبرن بتكبيرهم, ويدعون بدعائهم, يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته"..
ويسن التبكير في الخروج لصلاة العيد, ليحصل لكِ فضيلة انتظار الصلاة,
فيكثر ثوابك وأجركِ عن الله تعالى..
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي,
وبذل المال في سبيل الله تعالى..وقد ثبت
« أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين أملحين أقرنين،
ذبحهما بيده وسمّى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما » متفق عليه..
وتكون بعد أداء صلاة العيد , إلى آخر أيام التشريق على الصحيح..
وقد ورد أن المضحي له بكل شعرة من شعرات الشاة حسنة, والحسنة عند الله تضاعف..
فانظري إلى كم حسنة قد كسبتيها!!
وأفضل الهدي الإبل, ثم البقر,إن أخرج كاملاً, لكثرة الثمن, ونفع الفقراء, ثم الغنم..
وأفضل كل جنس أسمنه ثم أغلاه ثمناً, لقوله تعالى ( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )..
ومن أراد أن يضحي, فإنه إذا دخلت عشر ذي الحجة,
لا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئاً إلى ذبح الأضحية,
لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا دخل العشر, وأراد أحدكم أن يضحي,
فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئاً, حتى يضحي" رواه مسلم
فإن فعل شيئاً من ذلك , استغفر الله , ولا فدية عليه..
التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب، لأن التوبة واجبة,
حتى يترتب علـى الأعمال المغفـرة والرحمة، فالمعاصي سبب البعد والطرد،
والطاعات أسباب القرب والود، ففي حديـث عن أبـي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
« إن الله يغار، وغَيْرَةُ الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه » متفق عليه.
والإكثار من الأعمال الصالحة، كالصلاة والصدقة، وقراءة القرآن
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ونحو ذلك من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام..
فلنحرص على مواسم الخير فإنها سريعة الانقضاء، ولنقدم لأنفسنا عملا صالحاً نجد ثوابه عند الله
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ{7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ )
الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة، فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة..
المبادرةَ المبادرةَ بالعمل، والعجل العجل قبل هجوم الأجل،
وقبل أن يندم المفرّط على ما فعل،
وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل، قبل أن يحول الموت بين المؤمِّل وبلوغ الأمل ،
قبل أن يصير المرء محبوسا في حفرته بما قدَّم من عمل. .
يا من ظلمة قلبها كالليل إذا يسري، أما آن لقلبكِ أن يستنير أو يستلين؟؟؟
!تعرّضي لنفحات مولاكِ في هذا العشر,
فإن لله فيه نفحات يصيب بها من يشاء، فمن أصابته سَعِدت بها يوم الدّين ..
**منقول للفائده**