لا يكن المسلم إمعة
إن تقليد الآخرين في خصائصهم الذاتية، وشعائرهم الدينية، ناتجٌ
بالأساس عن نقصان الإيمان بالله أو انعدامه، مع ضياع العقيدةِ
الصحيحةِ أو انعدامها، وانسلاخٌ من مستلزمات التميز الإسلامي،
ومنكر يُدخِلنا في دائرةِ من قَـالَ فيهم رَسُولُ اللَّهِ r: ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)) ـ أبو داود ـ.وفي رواية أنه r قَالَ: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى...))
إن تشبُّهُ المسلمين بالكفار هبوط وسفولٌ، لأن المسلمَ أعلى من الكافـر، فإذا قلدَهُ هبط من عليائِهِ ومنزلتِهِ، واستبدل الذي هو أدنى
بالذي هو خير، وهذا كفرانٌ للنعمةِ وإهانة للإسلام، والإسلامُ يعلو
وشريعتنا تقيمُ لنا هدْياً مخالفاً للكفار من أهل الكتاب وغيرهم، فشريعتنا ناسخة لا منسوخة، وأمتنا متبوعة لا تابعة.
روي عَنْ أَنَسٍ ـ y ـ قَالَ: ((قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ r الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ
يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا. فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قَالُوا: كُنَّـا نَلْعَبُ فِيهِمَا
فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُـولُ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ)) ـ أبو داود ـ.
وعليه فلا يَحِلُّ لمسلم أن يُحْييَ عيدَ رأس السنةِ، فليسَ عيدُنا أهلَ
وعلى تجار المسلمين أن لا يساهموا في مظاهر الاحتفال، فيتشبهوا بالتجار من النصارى في نوع التجارة التي يروجون لها هذه الأيام، كصناعة الحلوى وطباعة بطاقات التهنئة الخاصة بهذا اليوم.
نقلَ الفقيه المغربيُّ ابنُ الحاج في كتابه المدخل، عن علماء المذهب المالكي أنه: ((لا يَحِلُّ للمسلمينَ أن يبيعوا للنصارى شيئاً من مصلحةِ عيدِهمْ، لا لحْماً ولا إداماً ولا ثوباً... ولا يعانون على شيءٍ من دينهم. لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك. وهو قولُ مالكٍ وغيرهِ، لم أعلمْ أحداً اختلفَ في ذلكَ))، فهذا في البيع للنصارى فكيف في البيع للمسلمين؟!!
إنه وإن وجدت بعض المسوغات لبعض اخواننا في المشرق الإسلامي لمجاورتهم للنصارى واحتكاكهم بهم، فما الداعي إلى هذه الاحتفالات والتهاني في بلادنا وقد أكرمنا الله بأن جعل هذا البلد كله من المسلمين
إلا نسبة مختفية لا يعلم عنها شيئا.
ها قد علمتم أيها المؤمنون حكم مثل هذه الاحتفالات،فكيفَ يُعْقلُ
أن يصدر ذلك من مسلِم بعد هذا العلم، أم كيف يعقل أن يرى أب مسلم أولادَهُ وبناته يستعدون ويهيئون داخل بيته للاحتفال برأس السنة وهو لا يحرِّكُ ساكناً.بل إن من الآباء المسلمين من يشاركهمْ في احتفالهم فيشتري لهم كلَّ الحاجياتِ، ويهيئُ لهم الجوَّ المناسبَ ليسهرَ مع أهله ومعارفه على هذا الأمر، ويَعتَبِرُ كلَّ هذا شيئاً عادِياً لا حرَجَ فيه، وينسى أنه مسؤولعن رعيته الخاصةِ وصيانتها. قال تعالى: }يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{، وشر من ذلك كله قوم باعوا دينهم وأخلاقهم ومقوماتهم الذاتية وأبوا إلا أن يبذلوا من أموالهم في سفرات محرمة إلى ديار الغرب من أجل المشاركة في تلك الاحتفالات التي تقام هناك، والنيل من بعض ما يبذل فيها من خمر ونساء بالمجان على المحتفلين.
فهل هؤلاء الناس ،أو ذاك الأب الذي لا يمنع أولاده من الاحتفال
برأس السنة الميلادية، أو يشاركهم فيه، اتخذوا لأنفسهم وقاية من
النار؟ ، ألا فلنتق الله في أنفسنا فنلزمها بطاعةِ اللهِ، ونبعدها عن
معصيتهِ، ولنحث الأهل والأولاد والأقارب والجيران على طاعة
الله، والابتعاد عن هذه القضايا التي لا تجلب لنا إلا مزيدا من
الخضوع والذلة ، وقدأعزنا الله بالإسلام ورضيه لنا دينا ومنهجا.