عر المجاهدون في الخليل أن عليهم مسؤوليات كثيرة لتحرير فلسطين وكان على رأسهم عبد الحليم الجولاني الذي تولى قيادة منطقة الخليل، فقام بتأسيس نواة لجيش نظامي بلغ تعداده خمسين رجلاً، وانتخبت القيادة العامة لهذا الجيش مكونة من:
1. عبد الحليم الجولاني (قائداً عاماً)
2. سعيد عبده (مساعداً للقائد العام)
3. شكري زيتون
4. الحاج ناجي القواسمي 5. محمد إسماعيل مرعب
6. عبد الرزاق الجيلاني
7. محمد سليمان منصور
8. عبد شاكر الجنيدي
9. عبد الأشهب
10. هاشم الدويك
11. يونس الجيلاني
12. يوسف جنيد
13. صادق الجعبري
14. محمد عمر النتشه
15. منير البكري
16. زين الدين مسوده
17. سليمان العوامه
18. إبراهيم أحمد أو دنهش
19. جميل العزه
20. عبد العزيز الديري
21. محمود أبو شخيدم
22. عبد الرحمن شاكر الجنيدي
وعين الجولاني مستشارين له هم السادة الأستاذ عبد الخالق يغمور والأستاذ عمر التكروري والأستاذ مخلص عمرو. وأصدرت القيادة العامة أمراً إلى كل مخاتير الخليل طلبت فيه من كل مختار حارة أن ينسب خمسين شاباً من شبابها وتسليحهم ويبقى هؤلاء الشباب في مزارعهم ووظائفهم إلى حين طلب القيادة العامة التحاقهم في صفوف المجاهدين. وفي بداية عام 1937م ذهب القائد الجولاني إلى قرية حلحول ليلاً فكانت أول قرية يدخلها الجولاني لجمع مجاهدين. وأمر مختاريها ملحم وعبد الهادي بتنسيب عشرة شباب من كل حمولة مع التسليح التام فاستجابت حمائل حلحول لطلب القائد الجولاني وإخوانه. واتصلت القيادة بعموم قرى الخليل وطلب من كل حمولة تقديم عشرة شباب من كل حمولة مع التسليح التام فاستجابت حمائل حلحول لطلب القائد الجولاني وإخوانه. واتصلت القيادة بعموم قرى الخليل وطلبت من كل حمولة تقديم عشرة مجاهدين للجهاد، فاستجابت القرى لذلك. ولكثرة أعداد المجاهدين تم تقسيمهم إلى قسمين. الأول جيش نظامي وعدده (500) مجاهد، والثاني جيش احتياطي يستدعى حين الطلب. وبقي يحشد المجاهدين من عدة مناطق حتى وصل حدود مصر في مهمته.
عقدت القيادة العامة في الخليل اجتماعاً في شعب الملح لكافة المجاهدين ومن المعروف أن شعب الملح هو مكان مناسب للثورة حيث يقع غربي مدينة الخليل وفيه عدد من الجبال والوديان ومن الصعب على الإنجليز ملاحقة الثوار في تلك المنطقة لوعورتها وكثرة التعاريج الطبيعية فيها، وفي المنطقة عدد من المغر (مفردها مغارة) استعملها الثوار كسجن ومحكمة للثورة ومأوى للمجاهدين ومكان لحفظ السلاح. وقد قررت قيادة الثورة في هذا الاجتماع ما يلي:
1. إعلان العصيان المدني على الإنجليز ومقاطعة محاكمهم ورفض أوامرهم.
2. أن يقوم الشعب بارتداء الكوفية والعقال دعماً للمجاهدين الذين كانوا يطاردون من قبل الإنجليز لإرتيادهم هذا اللباس.
3. رفض جوازات السفر البريطانية ورفض كل تصريح أو هوية شخصية صادرة من قبلهم وكل من يحمل هوية شخصية أو جواز سفر صادر عن الإنجليز دون علم القيادة يحكم عليه بالإعدام.
وفي أواخر عام 1937م شكلت في دمشق لجنة لدعم الثورة في فلسطين تدعى "اللجنة المركزية للجهاد الوطني في فلسطين" تولى إدارتها عزة دروزه بتوجيه من الحاج أمين الحسيني، وبذلك أصبحت دمشق مركز تجميع وتسليح وإرسال الأسلحة للمجاهدين، وتولى القيادة في الداخل قادة بارزون يرتبطون بأوثق الصلات بالفلاحين والقرى التي تقع ضمن مناطق عملياتهم، وكان أبرز قادة المرحلة الثانية من الثورة عبد الرحيم الحاج محمد (القائد العام) وعارف عبد الرازق في منطقة المثلث وعبد القادر الحسيني في منطقة القدس وعبد الحليم الجولاني في منطقة الخليل، وقادة آخرون في مناطق مختلفة. أما المرحلة الأولى فكانت أثناء الإضراب.
استقر الجولاني في منطقة شعب الملح غربي المسكوبية في الخليل، وبدأ ثورته من هناك، وانضم له عدد كثير من المجاهدين، ولمع اسمه وصيته في الخليل كلها، وأصبح يخافه الإنجليز وحسبوا له ألف حساب، وقد أطلق على المنطقة التي استقر فيها بدولة شعب الملح تعبيراً عن قوته وقوة الثورة. وكان هو قائدها "ولا يتحرك شيء في هذه الدولة إلا بإذنه".
لم يكتف الجولاني بحرب الإنجليز بل اهتم أيضاً برعاية شؤون الأهالي فكان يتقبل شكاوي الناس ويأمر بحلها، فإذا لم تستطع المحكمة الشرعية حل بعض الأمور كان يستشير قاضي (حكومة شعب الملح) وهو الشيخ عبد الحي عرفه.
وذكر عيد أحمرو على لسان والده قائلاً أنه عاصر ستة حكومات في فلسطين هي الحكومة التركية والحكومة الإنجليزية وحكومة شعب الملح والحكومة المصرية والحكومة الأردنية وإسرائيل وهذا دلالة على قوة ثورة الشلف التي تعتبر كأنها حكومة.
خطط الجولاني لاحتلال مدينة الخليل وطرد الإنجليز منها، وكان هذا أول عمل نظامي قام به حيث تجمع لديه ألف مقاتل وهاجموا الخليل من خمس جهات في5/5/1938 م,
لقد أطلق على القوات الموجودة في جبل الخليل "الجيش العربي الجنوبي" وقائدها عبد الحليم الجولاني. لقد أعلن القائد أن طريق القدس الخليل غير آمن إطلاقاً حتى في النهار، لذا نُسفت الجسور ولغمت الطرق الفرعية في الحقول، وأخليت مراكز الشرطة في المنطقة كلها وتعرض مركز الشرطة في الخليل لهجمات عنيفة من المجاهدين. وكان المجاهدون ينزلون من الجبال ليلاً إلى السهول ويقطعوا أسلاك التلفونات ويقيموا كمائن للدوريات الإنجليزية ليلاً خوفاً من ضرب الطائرات لهم نهاراً. دخل الثوار مدينة الخليل واستولوا على مركز البرق والبريد وبنك باركلس ورفع العلم الفلسطيني على كل دائرة حكومية في الخليل، وبقيت المدينة محررة لمدة 24 ساعة، ولما علمت السلطات البريطانية بذلك أرسلت الطائرات لتعقب الثوار، فانسحب هؤلاء إلى قراهم ولم يبق مع القائد سوى 250 مناضلاً. وقد فرض الجولاني ضريبة على موظفي الدولة قيمتها 25% من الراتب تدفع للثورة، كما بدأت الجالية الفلسطينية في القاهرة بالتبرع للثورة بمبالغ شهرية مكنت رجال الثورة من الاستمرار في ثورتهم ضد الإنجليز.
جاء الإنجليز بقوات كبيرة لتعقب الثوار وبدأوا بتطويق القرى والمدن واعتقال كل شخص يرتدي الكوفية والعقال وهذا اللباس هو رمز الثورة، عندئذ أصدر القائد الجولاني أمراً إلى جميع الشعب عن طريق بيانات ومناشير بارتداء الكوفية والعقال بدلاً من الطربوش الذي كان استعماله سائداً في فلسطين. وهكذا أصبحت الكوفية والعقال رمزاً للجهاد في فلسطين وذلك إعلاناً لتضامن سكان البلاد التام في الجهاد ورمزاً لكون جميع من في البلاد ثائراً ابتداءاً من 27/8/1938م. وهكذا سار الثوار مع الشعب جنباً إلى جنب بلباس الرأس: الكوفية والعقال وهذا أعاق خطة الإنجليز بالقبض على الثوار الذين يلبسون الحطة والعقال على رؤوسهم. وقد ذكر تشارلز تيجارت الضابط الإنجليزي المسؤول عن القضاء على الثورة الفلسطينية ومطاردة الثوار أنه تشكلت في فلسطين منظمات وخلايا تضم ما بين 6-50 ثائراً في كل مجموعة. كما شكل الثوار جمعية ثورية للدفاع عن القدس كان من بين أعضائها شباب من الخليل وكانت الجمعية تعطي من 5-10 جنيهات فلسطينية لكل من يقوم بعملية فدائية أو قتل جندي إنجليزي.
وعدت سلطة الانتداب بتقديم مكافآت مالية للذين يقدمون معلومات عن مكان وجود المجاهدين، "واعترف وزير المستعمرات البريطانية بالفشل أمام لجنة الانتداب عام 1938م حيث قال أنه أعلن عن مكافآت مجموعها عشرون ألف جنيه لاعتقال المتهمين بقيادة الثورة فلم يتقدم أحد". وقد زار وزير المستعمرات البريطانية فلسطين وذلك للاطّلاع عن كثب على الحالة في فلسطين، وكانت زيارته قبل صدور قرار اللجنة الفنية بالنسبة للتقسيم، وأذاع الوزير أثناء عودته إلى لندن قائلاً: "إن فلسطين أسوأ بلد في العالم، وأن قمع الثورة ليس بالسهولة المظنونة وأنها قد تستمر أمداً طويلاً، ولهذا أقدم الوزير على العدول عن فكرة التقسيم والجنوح إلى تهدئة العرب وإيجاد حل مناسب بالتباحث مع الأمة العربية بحكوماتها ووصفت الرواية الإسرائيلية الحالة في فلسطين قائلة أن "الشارع والبيت والمسجد والمقبرة جميعها في قبضة الإرهاب" أي في قبضة الثوار الأبطال.
وقرر المجاهدون برئاسة الجولاني الهجوم على مركز البوليس الإنجليزي في بئر السبع، فخططوا أولاً لرصد ومراقبة تحركات الجيش الإنجليزي في بئر السبع، واعتمد الثوار في عملية الرصد على أساتذة من الخليل كانوا يقومون بالتدريس هناك وهم الأساتذة عمر التكروري وإسماعيل حجازي وأكرم دودين وهاشم التكروري، واجتمع الثوار مراراً مع الأساتذة كي يعلموا عن تحركات الجيش، وساعد الأساتذة في مراقبة الجيش الإنجليزي الشيخ سلمان أبو الربيعات من بئر السبع والشاويش العربي داود العقيلي وهو من جماعة الربيعات.
خرج المجاهدون من الخليل بقيادة الجولاني من شعب الملح إلى بئر السبع وعددهم ألف مجاهد وقام الجولاني بوضع مجاهدين على طريق القدس الخليل وفرقة أخرى لحراسة جنوب الخليل وقطع طريق غزه الخليل وذلك لضمان عدم تمكين وصول نجدات إنجليزية إلى بئر السبع. سار المجاهدون بتاريخ 9/9/1938م على متن 11 مركبة تحمل الثوار وقطعت 40كم، وانطلق الثوار من الظاهرية ظهراً إلى نقطة التجمع (عين الأنقر) وكانت أربع فصائل وزعها الجولاني. وفي الساعة الثالثة من ظهر ذلك اليوم تمكن الجولاني من السيطرة على مستودعات الأسلحة في المدينة وغنموا 250 بندقية و250 صندوق من الذخيرة و50 مسدساً و200 قنبلة ومائة بندقية ومدفع رشاش سريع الطلقات، استعمله الثوار في المعركة وتمكنوا من إسقاط طائرات بريطانية فقد استطاع الجولاني إسقاط طائرتين في معركة جورة بحلص. ثم فتح أبواب السجن وأطلق سراح السجناء العرب وتمت هذه العملية كلها في نصف ساعة. وقد أعطى القائد كل منهم بندقية وذخيرة. وقد قتل من الإنجليز كبير موظفي البوليس وعدد من الجنود الإنجليز وظل الثوار يسيطرون على بئر السبع مدة 70 يوماً حتى قدم الطيران وسيطر عليها مرة أخرى. وبعد المعركة سار المجاهدون إلى دوائر الحكومة يهللون ويكبرون، فاحتلوا دوائر الحكومة وفتشوها واستولوا على ما يفيد ثم أحرقوها، وفي الصباح انسحبوا وهذه أول معركة كبيرة تقع في الجنوب مما أذهل الإنجليز الذين كانوا مطمئنين إلى منطقة بئر السبع لا تسهم في الثورة.
أهدى القائد الجولاني للأستاذ عارف العارف الذي كان يشغل منصب القائم مقام لمدينة بئر السبع بندقية كرمز للأخوة الإسلامية التي تجمعهم وكرمز للكفاح. وتم تعيين السيد عبد الله أبو ستة رئيس فصيل بئر السبع لحفظ الأمن.
وعندما سمع عبد الرحيم الحاج محمد قائد منطقة الشمال أخبار انتصارات الجولاني في بئر السبع بعث له رسالة طلب منه تزويد الثوار في الشمال ببضع الأسلحة التي غنمها الجولاني والثوار.
خطط الجولاني وجماعته في شعب الملح القيام بمعركة كبرى مع الإنجليز فكانت معركة جورة بحلص مع الإنجليز، استطاع الجولاني مع إخوانه الثوار التصدي لقافلة إنجليزية مكونة من أربع سيارات فيها 70 جندياً بريطانياً في منطقة جورة بحلص بين حلحول والخليل، وبعد معركة ضارية قتل فيها سبعين جندياً واستولى القائد الجولاني وإخوانه الثوار على كافة أسلحتهم بعد أن حرقوا سياراتهم، وقد اشترك في هذه المعركة أكثر من مائتي متطوع من أبناء القرى بالإضافة إلى المجاهدين المتفرغين الذين يزيد عددهم على خمسين مجاهداً وعلى رأسهم الجولاني، وكانت المعركة على مساحة 3كم بتاريخ 11/10/1938م.