سُئلت روائية وشاعرة عربية، إن كان كرهها للرجال هو سر عزوفها عن الزواج فقالت: وأين هم الرجال.. أنا لا أرى إلا ذكوراً!!
في قولها ذاك - رغم قسوته- نفحة من الواقعية.. فالرجولة سماتٌ تُكتسب بينما الذكورة معاملٌ يأتي بالولادة.. هناك ذكور عاشوا وماتوا ولم يتحلوا بالرجولة -حيث الحكمة والرصانة والشكيمة والنخوة والشهامة والمروءة- ولم يعرفوا إليها سبيلاً.. وأردأ تِلكم النوعيات هي النوعية ''العصرية'' التي لا تحترم الذات ولا الغير؛ بل وتتفوق حتى على النساء في الثرثرة والغيرة وإطلاق وتبادل الشائعات، وهي المساوئ التي اُلصقت بالمرأة طويلاً..!!
في محيط الأسرة قلة هم الرجال الذين مازالوا محتفظين بمكانتهم وهيبتهم وسط الأسرة.. فالرجل الذي يتقاعس عن أداء دور رب الأسرة ويُلقي بالأعباء كافة على زوجته لا ''يجرؤ'' عادةً على المطالبة بالقرار والقيادة في منزل لا يلعب فيه دور البطولة..!! خاصةً إن وضعنا في الاعتبار أن 67% من زوجات اليوم يساهمن في إعالة أسرهن وفق الإحصائيات الرسمية الصادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية..
بالطبع ما نقوله هنا عن تراجع الرجولة هو واقع علمي تتبعته حثيثاً دراسات عدة.. أشهرها ما تناوله براين سايكس - أستاذ علم الوراثة بجامعة أكسفورد - في كتابه ''مستقبل بلا رجال'' الذي أنحى باللائمة على أسباب جسدية.. إذ قال إن الحقائق العلمية تثبت أن 7% من الرجال يعانون العقم أو الضعف الشديد في الخصوبة، و3 أضعاف هذا العدد يعانون في مرحلة ما من الضعف الجنسي، وأكد سايكس أن هذا العدد سيتضاعف شيئاً فشيئاً وأننا سنصل لمرحلة يكون الرجال فيها عاجزين عن لعب أي دور مؤثر في الحياة أو الإبقاء على النوع البشري!
أما ستيف جونس من جامعة لندن فقد كان أكثر تشاؤماً عندما كشف في كتابه ''الذكر الخطأ في الطبيعة'' ومن خلال دراسات أجريت على هياكل ما قبل التاريخ - أن الكروموسوم المسؤول عن الفحولة قد خسر ثلثيه على مدى الـ300 مليون سنة الماضية، وهذا التآكل والتفَسُّخ ماضٍ في طريقه من دون توقف، وإذا استمرت الأشياء بهذه الوتيرة فإن التوقعات تقول إن الرجال في طريقهم إلى الانقراض بعد 125 ألف سنة من الآن..
والمفارقة أن ذلك - تراجع أعداد الرجال- هو إحدى علامات قيام الساعة كما تشير عدد من المصادر الإسلامية!!
خبراء علم الاجتماع والنفس يلومون العولمة على تآكل الرجولة، ويرون أن ضياع معالم الرجولة المعنوية أدى لتراجع معالم الرجولة الجسدية. وبعضهم يرى أن الـ''الزحف الأنثوي'' هو السبب، وأن حركة تمكين المرأة، التي تلت حركة تحريرها، هو ما هدد عقدة التفوّق الذكوري وضربها في مقتل!!
أولئك ينحون باللائمة على النساء ''مصدر الشرور على الأرض'' عبر الترويج إلى أن المرأة هي من ساهم في إضعاف الرجل وقهره بتسلطها.. ويعتقد أولئك أن تراجع الرجولة هو نتاج طبيعي لتراجع حاد في منسوب الأنوثة.. فتقمص المرأة لدور الرجل جعله يتقمص - تلقائيا- أدوراها؛ وهو قول يصح كما يصح نقيضه؛ إذ قد يكون تراجع ''منسوب'' الأنوثة هو وليد أزمة الرجولة.. وهي إحجية - كأحجية خلق البيضة والدجاجة- لن نعرف أجابتها قط!!
نافلة القول إن الرجولة في خطر.. والله المستعان..!!