عدد الرسائل : 297الموقع : moussa540@gmail.comالبلد : الهواية : المزاج : تاريخ التسجيل : 08/06/2008نقاط : 196حكمة اليوم : جراحي وماذا تكون الجراح*** أليست جراحي هدايا القدر
موضوع: القصة الحقيقية الطريق الى ايلات الأحد 16 مايو - 17:38
هذا الموضوع منقول اردت ان انقل لكم القصة الحقيقة للايلات او ما يسمى الرحلة الى ايلات وقد كنا شاهدنا وقائع القصة في فيلم الطريق الى ايلات ولكن بعد تصفحكم للموضوع ستدركون تفاصيل هذه الملحمة الاسطورية ان صح التعبير
وما حدث من أدق تفاصيل في عملية تـــدمـــيـــر الــمــدمـرة أيـــلات
وهو ما سيرويه لنا أحد أبطال هذه العملية وهو
ضابط بحري|عمرو البتانوني
ومن أبرز ما سيرويه لنا دمرنا "بيت شيفع" و"بات يم" وعدنا فاحتُجزنا في الأردن
فيلم "الطريق إلى إيلات" ضعيف ويثير ضحك المتخصصين
لو كانت إسرائيل مكاننا بعد النكسة ما كانت فكرت في العبور أبدا ومن هذا فسيتضح لنا
أن فيلم
"الطريق الى ايلات" يوجد به العديد من الاحداث لم تحدث من الأصل
وأيضا يوجد أحداث لم تتم عرضها في الفيلم.
وسنبدأ الأن
بالتعرف على
ضابط بحري|عمرو البتانوني
الاسم: عمرو إبراهيم البتانوني
تاريخ الميلاد: 25 فبراير 1943
الحالة الاجتماعية: متزوج ولي من الأبناء ولد وبنت العمل الحالي: صاحب ومدير مزارع البتانوني بالنوبارية وشركة ستاليون للتجارة، ونائب رئيس نادي سبورتنج بالأسكندرية
العمل السابق: ضابط بحري بلواء الوحدات الخاصة للقوات البحرية (الضفادع البشرية)
ويروي لنا بعض ملامح حياته
ولدت بالقاهرة وعشت بها لمدة عامين قبل أن انتقل مع عائلتي إلى الاسكندرية، كنت مهتما بالرياضة منذ صغري ومارستها أثناء الدراسة، بداية من كرة السلة حيث قمت بتمثيل نادي سبورتنج حتى دوري الدرجة الأولى ثم انتقلت إلى كرة اليد ومثلت النادي أيضا، ثم منتخب الاسكندرية.
التحقت بكلية سان مارك وتخرجت فيها عام 1962 ثم التحقت بالكلية البحرية وتخرجت فيها عام 1966، ومثلت القوات البحرية في كرة اليد حتى نكسة 1967.
بعد تخرجي في الكلية البحرية بدأنا جولات بحرية على السفن تدور حول العالم إلى أن تعرضت مصر للنكسة عام 1967 التي كانت صدمة قوية جدا وغير متوقعة للمصريين عامة وللقوات المسلحة بشكل خاص.
كيف التحقت بلواء العمليات الخاصة؟
بعد النكسة شعر الناس بأن مصر تعرضت لمحنة كبيرة وان احدا لن يتمكن من اخراج البلد مما هي فيه غير أبنائها.. فتم الإعلان عن فتح باب التطوع للقوات الخاصة التي كانت ستبدأ المشوار بعمليات خلف خطوط العدو,
في القوات البحرية كان هناك لواء للقوات الخاصة فاشتركت به وحصلت على فرق صاعقة ومظلات وضفادع بشرية وكان التدريب شاق وفي ظروف مرهقة إلى أقصى الحدود، فعمل القوات الخاصة أصلا صعب ويحتاج للصبر وقوة التحمل لتدريب المقاتل على القيام بعمليات شديدة الصعوبة.
طبعا لم يتم قبول كل من تقدموا للإلتحاق بالقوات الخاصة لأن فرد القوات الخاصة يجب ان يتميز بعدة صفات منها الشجاعة والرغبة في تقديم شئ للوطن فضلا عن قوة الأعصاب وهو شئ في خلق الإنسان ولا يمكن اكتسابه.
والأن مع قصة العملية...
كيف ولدت الرغبة في مهاجمة ميناء إيلات وغيره من الأهداف في عمق العدو الإسرائيلي؟
في أعقاب النكسة بدأت القوات المسلحة كلها في إعادة بناء نفسها بالإعداد والتدريب والتسليح والتنظيم .. الخ، وكل هذا كان ممكنا لكن الشئ الأصعب كان هو إعادة الروح المفقودة لفرد القوات المسلحة بعد النكسة وما كسرته في داخل صفوف المقاتلين.. لكن على أي حال فقد بدأ الفريق محمد فوزي بعدما تولى المسئولية في دعم كل هذا عدا الروح المعنوية التي كان رفعها صعبا للغاية لأنها شئ نفسي لن يعود بالتدريب .. من هنا كان اللجوء للقوات الخاصة لتنفيذ عمليات ناجحة خلف خطوط العدو تعيد الروح المعنوية ليس للقوات المسلحة فقط ولكن للمصريين جميعا.
وعلى نطاق القوات البحرية فقد كان لواء الوحدات الخاصة هو الذراع الطويلة للقوات المصرية فنفذنا هجمات ناجحة عدة، كان وقتها قائد القوات البحرية هو اللواء محمود فهمي عبد الرحمن رحمه الله وكان مقاتل بطل مصمم على النصر أو الشهادة وكان هو أول من اقتنع بضرورة تحريك لواء القوات الخاصة وبعنف.
لماذا إيلات؟
كل هدف كان له سبب فحينما قررنا دخول ميناء إيلات كان لأن الولايات المتحدة الأمريكية أمدت اسرائيل بناء على طلبها في أوائل عام 68 بناقلتين بحريتين إحداهما تحمل 7 مدرعات برمائية واسمها "بيت شيفع" وأخرى ناقلة جنود واسمها "بات يم" ، واستغلت إسرائيل تفوقها الجوي الكاسح وشنت نحو 3 أو 4 عمليات قوية بواسطة الناقلتين على السواحل الشرقية لمصر منها ضرب منطقة الزعفرانة حيث ظل جنود الكوماندوز الإسرائيليين في المنطقة 15 ساعة كاملة، فكان الغطاء الجوي الإسرائيلي يوفر للناقلتين حرية الحركة فتقوم البرمائيات بالنزول على الشواطئ المصرية ويقوم الكوماندوز بالدخول لأي منطقة عسكرية وأسر رهائن ونهب المعدات.
فقررتم القضاء على الناقلتين..
نعم .. فقد قررت القيادة العامة للقوات المسلحة القيام بعملية بهدف التخلص من الناقلتين بأي وسيلة، واستقر الأمر على القوات الجوية والقوات البحرية لكن عند دراسة قيام القوات الجوية بشن هجوم على الناقلتين في العمق الإسرائيلي كانت احتمالات الخسائر كبيرة جدا، لذا وافق الرئيس عبدالناصر على اقتراح قائد القوات البحرية بتنفيذ أول عملية للضفادع البشرية المصرية في العمق الإسرائيلي.
وكيف بدأ الاستعداد ؟ عن طريق الاستطلاع تم التحقق من أن الناقلتين تخرجان دائما من ميناء إيلات إلى شرم الشيخ فخليج نعمة ومنه إلى السواحل الشرقية المصرية فتم تشكيل ثلاث مجموعات من الضفادع البشرية كل مجموعة مكونة من فردين (ضابط وصف ضابط) وسافروا إلى ميناء العقبة الأردني القريب من إيلات كما تم تحضير مجموعتين -كنت أحد أفرادها- في الغردقة، وكانت الخطة الأولى تقضي بأن تهاجم مجموعتا الغردقة الناقلتين إذا غادرتا مبكرا وقامتا بالمبيت في خليج نعمة عن طريق الخروج بلنش طوربيد ثم بعوامة ونقترب من الناقلتين ونقوم بتفجيرهما، أما الخطة الثانية فكانت ستنفذ إذا قامتا بالمبيت في إيلات فيكون التنفيذ من جانب المجموعات الثلاث الموجودة في العقبة .. ما حدث أنهما قامتا بالمبيت في إيلات فعلا فألغيت مهمة الغردقة وقامت مجموعات العقبة في 16 نوفمبر عام 1969 بالخروج بعوامة من العقبة حتى منتصف المسافة ثم السباحة إلى الميناء لكنهم لم يتمكنوا من دخول الميناء الحربي فقاموا بتلغيم سفينتين إسرائيليتين هما (هيدروما ودهاليا) وكانتا تشاركان في المجهود الحربي الإسرائيلي في ميناء إيلات التجاري، وهذه هي العملية التي استشهد فيها الرقيب فوزي البرقوقي وقام زميل مجموعته بسحب جثمانه حتى الشاطئ حتى لا تستغل إسرائيل الموضوع إعلاميا.
كيف كان وقع العملية برغم انها لم تحقق أهدافها المرجوة؟ كانت العملية جيدة جدا وأدت لضجة كبيرة داخل وخارج إسرائيل ورفعت الروح المعنوية للقوات المسلحة وفي الوقت ذاته أدركت إسرائيل أننا تمكنا من الوصول إلى إيلات وأننا نريد "بيت شيفع" و"بات يم" فأصدروا تعليمات للناقلتين بعدم المبيت في ميناء إيلات بحيث تقوم بالتجول في البحر بداية من آخر ضوء وحتى أول ضوء لأن قوات الضفادع البشرية لا يمكنها العمل نهارا.
وهل توقفت الناقلتين عن مهاجمة السواحل المصرية؟ لا.. على العكس، فقد قامتا تحت الغطاء الجوي بالهجوم على جزيرة شدوان وهي جزيرة صخرية مصرية تقع في البحر الأحمر وأسروا عددا من الرهائن واستولوا على كميات كبيرة من الذخائر، ونقلوها بواسطة "بيت شيفع" واثناء تفريغ الذخيرة انفجر بعضها مما أدى لمقتل نحو 60 اسرائيليا وتعطل باب الناقلة الذي كان يعمل بطريقة هايدروليكية..
وكيف استغلت مصر هذا الحادث؟
تم نقل هذة المعلومات للقيادة المصرية عن طريق نقطة المراقبة الموجودة في العقبة وقدرت إسرائيل أننا سنستغل فترة وجود الناقلتين بالهجوم عليهما فقاموا بعمل تجهيزات كثيرة جدا لإعائقة أي هجوم محتمل فتم إغلاق الميناء بالشباك وتم تحريك لنشات لضرب عبوات ناسفة مضادة للضفادع البشرية وخرجت طائرات الهليكوبتر لإطلاق قنابل مضيئة للرؤية وتم وضع كشافات قوية جدا حول الناقلتين بحيث يتم اكتشاف اي حركة تحت العمق وعلى مسافة 100 متر فضلا عن زيادة الحراسة على الناقلتين.
لكنكم صممتم على تنفيذ العملية واستغلال الفرصة..
نعم.. تمت دراسة كل هذه التغيرات وحصلت القوات البحرية على الضوء الأخضر للقيام بعملية قبل إصلاح العطب في الناقلة، وتم تشكيل مجموعتين الأولى بقيادتي وكنت برتبة ملازم أول ومعي الرقيب علي أبو ريشة والثانية بقيادة الملازم أول رامي عبد العزيز ومعه الرقيب محمد فتحي وتحركنا من الإسكندرية بمعداتنا الى العراق حيث هبطنا في مطار H3 واستقبلنا أعضاء من منظمة فتح الفلسطينية ومنها سافرنا برا إلى عمان في الأردن حيث قمنا بالمبيت لليلة واحدة قمنا خلالها بتجهيز الألغام (لغم مع كل فرد) والمعدات وانتقلنا إلى ميناء العقبة حيث استقبلنا ضابط أردني برتبة رائد تطوع للعمل معنا بغير علم سلطات بلاده لأن المنطقة كلها هناك كانت مغلقة عسكريا فكان من الضروري ان نحصل على معاونة من أحد أفراد القوات المسلحة الأردنية.
إذن فلا أحد كان يعلم بالعملية؟
بالضبط.. ففي العراق كانوا على علم بأننا نجلب معدات إليكترونية لمنظمة فتح الفلسطينية وكان هذا ممكنا ومتاحا لأن العراق كان يساعد الحركة.
وماذا حدث بعد ذلك؟
دخلنا المنطقة العسكرية الأردنية وقمنا بالتجهيز النهائي ونزلنا الماء بالفعل في الساعة الثامنة والثلث مساء 5 فبراير 1970 بدون عوامة لأنها كانت تحتاج لتجهيزات خاصة واعتمدنا على السباحة والغطس.. وفي منتصف المسافة اكتشف الرقيب محمد فتحي أن خزان الأكسجين الخاص به أوشك على النفاذ (بفعل النقل في وسط الجبال) فتم اتخاذ قرار بعودته إلى نقطة الإنزال في العقبة وأكملنا المهمة بدونه إلى أن وصلنا في منتصف الليل تماما إلى ميناء إيلات بعد السباحة والغطس لنحو 5.5 ميل بحري..
وفي الساعة 12.20 مررنا من تحت الشباك، وهجم الملازم أول رامي عبد العزيز بمفرده على "بات يم" بينما هجمت انا والرقيب علي أبو ريشة على الناقلة "بيت شيفع" وقمنا بتلغيمهما وضبطنا توقيت الانفجار على ساعتين فقط بدلا من أربع ساعات كما كانت الأوامر تنص، ففرد القوات الخاصة له أن يقوم بالتعديل في الخطة الموضوعة حسب مقتضيات الظروف..
وفي الساعة الثانية من صباح يوم 6 فبراير بدأت الانفجارات تدوي في إيلات وخرجت الدوريات الإسرائيلية للبحث عن منفذي الهجوم لكن ارادة الله فوق كل شئ وكما يقول تعالى ("فأغشيناهم فهم لا يبصرون") فقد وصلنا بنجاح إلى الشاطئ الأردني..
وماذا حدث بعدما عدتم لنقطة الإنزال؟
في ميناء العقبة قبضت علينا المخابرات الأردنية فقد أدركت أن هذا الهجوم لابد أنه انطلق من أراضيها، وكانت القصة التي ينبغي أن نذكرها في هذه الحالة هي اننا ضفادع بشرية مصرية ألقتنا هليكوبتر قرب إيلات وكان من المفترض أن تعود لالتقاطنا لكنها لم تفعل وأن لدينا توصية بتسليم انفسنا لأشقائنا في الأردن لإعفائها من حرج استخدام أراضيها في تنفيذ هجوم عسكري دون علمها، لكن المخابرات الأردنية لم تستسغ هذه القصة فقاموا باقتيادنا نحن الأربعة بجفاء إلى أحد مقراتهم في عمان ويدعى (القلعة).
وكيف كان وقع ذلك عليكم؟
لم نكن نصدق فالأردن دولة عربية أولا وثانيا فقد تعرضت هي أيضا للنكسة وتم احتلال جزء من أرضها فكيف يعاملوننا بهذا الشكل.
وماذا عن القاهرة؟
"الصحافة المصرية"
وصلت هذه التطورات للسفارة المصرية في عمان عبر الضابط الأردني الذي تعاون معنا فقام اللواء إبراهيم الدخاخني وكان من المخابرات المصرية بمخاطبة المخابرات الأردنية للإفراج عنا لكنهم أجابوا بأنهم لا يملكون أي معلومات عنا وأننا لسنا محتجزين لديهم!
كانت هذه معلومات في غاية القلق للسفارة المصرية التي شعرت بأن ثمة مخطط للتخلص منا، وقتها كان يعقد في القاهرة مؤتمر الملوك والرؤساء العرب فقام الفريق محمد فوزي بإبلاغ الرئيس عبدالناصر باحتجازنا في الأردن فقام الرئيس عبدالناصر بوقف المؤتمر للراحة واصطحب الملك حسين ملك الأردن في غرفة جانبية وأبلغه أن المخابرات الأردنية تحتجز رجال الضفادع البشرية المصرية الذين نفذوا العملية في إيلات وأنه – أي الملك حسين – سيظل ضيفا على مصر إلى أن يتم الإفراج عنا ونعود إلى مصر.
وعلى الفور أصدر الملك حسين تعليماته فشعرنا نحن بتغير المعاملة ففتحت لنا الأبواب وحصلنا على الطعام والملابس بعد أن قضينا 12 ساعة بملابس الضفادع البشرية وبملح البحر في قلعة المخابرات الأردنية وهي شاهقة الارتفاع حتى إن الثلج كان يغطي أجزاء منها وكل ذلك في برد فبراير القارص.
وتم الإفراج عنا بالفعل حيث سُلمنا لقائد العملية اللواء مصطفى طاهر رحمه الله ونُقلنا من عمان إلى لبنان ومنها إلى القاهرة.
وحصلنا بعد عودتنا على وسام النجمة العسكرية وكان وقتها أعلى وسام عسكري يُمنح للأحياء.
وفي سجلات التاريخ العالمي صُنفت هذه العملية كواحدة من أنجح عمليات الضفادع البشرية في ميناء معادي من حيث النتائج ومن حيث عودة الأفراد سالمين.
في هذا العام توفى الرئيس عبدالناصر؟
نعم.. بعد عملية إيلات الثانية بستة أشهر توفى عبدالناصر وتسلم الرئيس السادات الحكم فكان أول عمل قام به هو زيارة القوات البحرية وطلب رؤية رجال المهمات الخاصة وأمر بترقيتنا استثنائيا مرتين من الملازم أول إلى رتبة الرائد، وقال "المرة الجاية عايزكم في حيفا".. وكان هذا يعني لنا ببساطة انه مصمم على الحرب من أول يوم.. وهو على عكس الانطباع الذي أعطاه للعالم كله بأنه غير قادر على اتخاذ قرار الحرب.
ماذا عن المهام التي نفذتموها في حرب أكتوبر؟
قبيل حرب 73 قام لواء الوحدات الخاصة للقوات البحرية بسد فتحات النابلم في قناة السويس، كما قمنا بالهجوم على المواقع البترولية والحفارات البحرية في منطقة (أبو رديس) و (بلاعيم)، وكانت هذه المنطقة تضم حفارات بترول مصرية إيطالية ضخمة تقوم بالعمل في أكبر بئرين للبترول وبعد النكسة استغلت إسرائيل هذه الحفارات وبدأت في استخراج البترول بجنون ونقله إلى إسرائيل فطلب الرئيس السادات نسف هذه الحفارات والمنطقة كلها فقمنا بذلك بالفعل.. وبعد عودتي تم منحي وسام النجمة العسكرية الثاني.
وبعد الحرب؟
حينما بدأت محادثات السلام بين مصر وإسرائيل وأحد شروطها إخلاء مصر لسيناء عسكريا، اعتبرت حينها أن هذه الشروط مجحفة وشعرت بحماس الشباب وقتها أننا نتنازل عن حقوقنا فقد قمنا بأعمال جيدة جدا خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر وضحى منا الكثيرون بأرواحهم فكيف نسلم بهذه الشروط ونخلي قواتنا من سيناء بعد أن حصلنا عليها بالقوة .. فرفضت هذه الشروط وقدمت استقالتي من القوات المسلحة لأنني رأيت أنه لم تعد هناك حاجة لي كمقاتل، لكن قائد القوات البحرية رفض الاستقالة فسعيت لمقابلة رئيس الجمهورية وهذا حقي القانوني بناء على الأوسمة التي حصلت عليها وقابلت بالفعل وزير الحربية وقتها المشير الجمسي فرفض استقالتي أيضا، فلجأت لفكرة الترشح لمجلس الشعب عن حزب الأحرار الذي كان يترأسه وقتها مصطفى كامل مراد –رحمه الله– وكان هذا حقي الدستوري فالقانون ينص على أن الضباط الحاليين لا يمكنهم الترشح لمجلس الشعب إلا بعد تقديم استقالتهم فتقدمت بالفعل بطلب استقالة لنيتي الترشح للبرلمان لكنها رفضت مجددا كنوع من "العناد"، فقابلت رئيس حزب الأحرار وكان من الضباط الأحرار فقابل بدوره الرئيس السادات وحصل منه على موافقة على استقالتي.
بعدها قام اللواء محمود فهمي عبد الرحمن القائد السابق للقوات البحرية وكان وقتها وزير النقل البحري بترشيحي لبعثة في نيجيريا حيث مكثت عشر سنوات في إدارة ميناء "بورت هاركورت".. في هذه الاثناء تم اغتيال الرئيس السادات في عام 1981 وكان هذا الحدث بمثابة صدمة كبيرة لي فقد كان الرجل وطني من الطراز الأول استطاع ان يتخذ قرار شجاع بالحرب في مواجهة كل الظروف.
وقتها قررت عدم العودة لمصر فرحلت إلى إحدى الدول الغربية ومكثت لمدة عام ونصف إلى أن وجدت أنني لا استطيع البعد عن مصر فعدت لغزو الصحراء وكانت هذه معركة أخرى، والحمد لله بعد 23 سنة من العمل الشاق أصبحت المزرعة على أحدث مستوى من التكنولوجيا.
كيف تقيّم العمليات التي نفذتها القوات الإسرائيلية بعد النكسة كالزعفرانة وشدوان؟
يمكننا القول أن الغرض الأول منها كان الإرهاب والضغط النفسي وثانيا أسر الرهائن للحصول على معلومات والاستيلاء على المعدات لمعرفة أسرارها وطريقة عملها، لكن هذه العمليات كانت تتم في أجواء مختلفة تحت الغطاء الجوي الإسرائيلي فليس ثمة مجازفة هنا تقوم بها هذه القوات على عكس القوات المصرية.. فلو كانوا مكاننا بعد النكسة ما كانوا فكروا في العبور أبدا... فضلا عن أن المقاتل المصري يتحلى بإيمان قوي فيخوض غمار المعارك دون خوف حتى من الموت، فليمت في أي مكان ليست هناك مشكلة فالمصير الجنة، بينما حياة الجندي الإسرائيلي غالية جدا والطقوس الدينية الخاصة بالموت لديهم معقدة للغاية.
وماذا عن الهجوم الفاشل الذي نفذته القوات الإسرائيلية عام 67؟
هنا يبرز الفارق بيننا وبينهم، فقد انطلقت الضفادع البشرية الإسرائيلية في 8 مجموعات داخل غواصة من حيفا إلى ميناء الإسكندرية وعبروا بالفعل حاجز الأمواج عند الميناء الغربي وكان أمامهم أهداف عديدة في الميناء لكنهم بدلا من استغلال الفرصة قاموا بتلغيم الحوض العائم وهو أقرب هدف اليهم وألقوا بقية الألغام عند حاجز الأمواج!، فضلا عن أنهم فشلوا في العودة وتم احتجازهم من قبل القوات المصرية!
ما رأيك في فيلم "الطريق إلى إيلات" الذي يروي أنباء العمليات التي قمتم بها؟
هناك نقاط ضعف كثيرة جدا في الفيلم تثير الضحك من قبل المتخصصين في الحروب البحرية لكنه يبقى برغم ذلك يمثل محاولة لا بأس بها. فمثلا يظهر الفيلم أحد أفراد الضفادع البشرية يصاب بالبرد فيحجم عن النزول للبحر وهذا غير وارد في الوحدات الخاصة .. فأنت مدرب لتجاهل العطش والجوع والمرض والالام والتعب لتنفذ العملية المكلف بها مهما كانت الظروف ..
كما يظهر الفيلم ايضا اللجوء لفتاة "بمايوه" للكشف على الشباك في ميناء إيلات وهذا جهل واضح لأن هذه الشباك يتم تركيبها حول الميناء في يومين كاملين وقد وصلتنا صور تركيبها من نقطة المراقبة في العقبة.
ايضا تم اظهار مهندس اللنش بشكل كاريكاتوري ساخر، فهو ساذج لا يعرف إلى أين يتجه ولا أي عملية سيقوم بها .. برغم أن صاحب الشخصية الحقيقية واسمه المهندس أسامة مطاوع كان بطلا بكل المقاييس وكان يقفز بنفسه في اللنشات المقاتلة لمتابعة عملها أثناء العمليات وكنا نعجز عن إثناؤه عن الخروج معنا بسبب إصراره برغم أن التعليمات الصادرة إليه تقصر دوره على البقاء على الشاطئ فقط، أذكر إنه في عملية أبورديس وبلاعيم كان معنا في اللنش يحاول إحكام ربط قطعة ما في موتور اللنش وعندما لم تثبت ظل يمسكها بيده حتى يستمر الموتور في العمل وتنفذ العملية .. فهل يليق أن تخرج صورته على الشاشة بهذا الشكل؟
أيضا يظهر أحد رجال القوات الخاصة في العوامة وهو يخشى النزول إلى البحر، وهذا مستحيل.
فضلا عن أن الفيلم دمج عمليتي إيلات في عملية واحدة، وقال إن "بيت شيفع" و"بات يم" غرقتا في 16 نوفمبر وهذا خطأ فادح فقد كانت هذه العملية يوم 5 و6 فبراير 1970.
فالفيلم في مجمله ضعيف ربما بالنسبة لي لأنني عشت هذه اللحظات، لكن كفيلم وطني يقص هذه العمليات على شبابنا فهو جيد نسبيا.
وماذا عن مسلسل "الحفار"؟ كانت عملية تفجير الحفار مشتركة بين الضفادع البشرية والمخابرات وكانت عملية من الطراز الأول لا يواكبها أي عملية للموساد أو المخابرات الأمريكية أو السوفيتية، ونجحت 100%، لكن المسلسل جاء هزيلا للغاية .. حتى الأفراد الذين كان من المفترض أنهم سود البشرة يقوم بأدوارهم ممثلون بيض البشرة وقد طليت وجوههم "بالورنيش" حتى إن الكاميرا كانت تظهر آذانهم من الخلف وهي بيضاء تماما!
فلماذا نقدم أعمالنا البطولية بهذا المستوى المزري، إذا كنا لا نملك الخبرة لصناعة عمل جيد فلنستقدم من الخارج من يمكنه ذلك .. حتى حرب أكتوبر التي تُدرّس حتى اليوم في المعاهد العسكرية لم نقدمها في عمل فني واحد يليق بها .. بينما دول العالم تستغل أي معركة حتى ولو صغيرة جدا قامت بها وتقوم بتضخيمها في عمل فني رائع .. إعلامنا ضعيف جدا في هذا الجانب... لا أعرف أحدا لايزال مؤمنا بإبراز هذا الجانب إعلاميا سوى الأستاذ إبراهيم حجازي الصحفي بالأهرام.
أبطالنا سواء في النكسة أو في حرب الاستنزاف أو في حرب أكتوبر أكثر من أن يستطيع أحد أن يكتب ما قاموا به، أليس هؤلاء أولى بالكتابة عنهم بدلا من الراقصات والفنانين.
كيف ترى مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي؟ بالنسبة لي كرجل عسكري، إسرائيل لاتزال عدو، فقد حاربتهم وتخطيطهم واضح وعقائدهم الدينية أقوى بكثير من السياسة، فالصلح القائم بيننا مؤقت ويجب أن نكون على أهبة الاستعداد للحفاظ على السلام واستعدادا لأي تطور.
وكيف ترى الحرب الأخيرة بين إسرائيل ولبنان؟
هناك من يقول أن حسن نصر الله كان مسئولا عن تدمير جزء كبير من الجنوب اللبناني، لكن بالنسبة لي فالنصر والتحرر لا يأتي مجانيا أبدا، فحسن نصر الله رجل وطني يرى العدو عدوا ويتعامل معه باللغة التي يفهمها ومن مبدأ الرد بالمثل وإيلام العدو كما يؤلمني، فالخسائر هنا ليست مهمة .. يجب أن تدفع ثمن الحرية لكي تنالها .. فالنصر دائما لا يأتي بالكلام بل يأتي بالدم.
هذه هي القصة كما رواها لنا ملازم أول|عمرو إبراهيم البتانوني أحدالأبطال الأربعة الذين نفذوا هذه العملية.
والأن ولكي تكتمل الصورة لديكم سأعرض لكم مقال بخصوص هذه العملية
بقلم : إبـراهيــــم حجـــــازي
هذه حكاية أربعة مصريين صنعوا المجد
الزمن أواخر عام1969 وأوائل سنة1970.. ووقتها كثرت حوادث البلطجة الصهيونية علي الحدود المصرية البعيدة عن مسرح العمليات في منطقة القناة..
وكان طبيعيا أن يحدث ذلك لأن إعادة بناء القوات المسلحة المصرية لم يكتمل والمقارنة صارخة وظالمة بين دولة مخازن سلاح الغرب مفتوحة أمامها جوا وبرا وبحرا وأخري تحصل علي السلاح الدفاعي بالعافية وما عندها لايكفي لحماية سمائها وحدودها المترامية ولهذا السبب وقعت أحداث كثيرة متفرقة في منطقة البحر الأحمر أهمها سرقة رادار من الزعفرانة وضرب قناة إسنا وإغارات علي مواقع مختلفة في هذه المنطقة وكلها تمت من خلال عمليات إنزال بحري لمعدات وكوماندوز بواسطة قطعتين بحريتين رصدهما الاستطلاع المصري..
الأولي ناقلة مدرعات برمائية اسمها' بيت شفع' والثانية سفينة إنزال للكوماندوز واسمها' باتيام' والقطعتان تتحركان في حماية الطيران الإسرائيلي.
أمام هذه العربدة صدرت الأوامر بضرورة نسف السفينتين وبدأت عمليات التدريب علي المهمة لتكون في إيلات والاستطلاع لرصد تحركات السفينتين.. وجاءت اللحظة المناسبة عندما رصدت قواتنا تمركزا للسفينتين بميناء إيلات سوف يستمر أربعة أيام لإجراء عمليات إصلاح..
وعلي ضوء هذه المعلومات صدر الأمر للضفادع المصرية البشرية بإغراق السفينتين في ميناء إيلات.
الموقف في ميناء إيلات.. خوف وحذر من هجوم فدائي مصري لكنه من وجهة نظرهم مستبعد تماما لأن دخول إيلات في ظل هذه الاستحكامات مثل الدخول إلي الجحيم!
تعالوا نر الموقف داخل قواتنا. تنافس هائل بين الكوماندوز المصريين لأجل نيل شرف القيام بهذه العملية التي يعلم كل مقاتل مصري أن الخارج منها مولود.. ومع ذلك يتنافسون علي مدي شهور في تدريب بالغ القسوة لأجل شرف الاختيار للعملية المرتقبة!
تنافس هائل وصعب وشاق ومرير لأجل القيام بعملية فدائية الله وحده الأعلم بنهايتها.. إنه تنافس لفداء وطن بأرواح والروح هي أغلي مايملكون لكنها لا شيء أمام مصلحة الوطن وتلك قيمة الانتماء والفداء!
الصراع الهائل بين الأبطال المصريين رجال الضفادع البشرية حسمه اللواء محمود عبد الرحمن فهمي قائد القوات البحرية وقتها وهو رجل عظيم ومقاتل قدير.. حسم الصراع لمصلحة أربعة رجال.. الملازم أول عمرو البتانوني والرقيب علي أبو ريشة( المجموعة الأولي) والملازم أول رامي عبد العزيز والرقيب فتحي محمد علي( المجموعة الثانية).
الرجال الأربعة حملوا معهم أربعة ألغام بحرية ومعداتهم واستقلوا طائرة أليوشن من مطار حربي بالإسكندرية إلي آخر حربي عراقي علي الحدود الأردنية.. وتجاوزوا الحدود الأردنية متوجهين إلي عمان(800 كيلو متر) ومنها تحركوا في المساء إلي العقبة.. ونزلوا مياه خليج العقبة في الثامنة والنصف مساء الخميس5 فبراير1970. المجموعة الأولي هدفها' بيت شفع' والثانية' باتيام'.. وبدأت المهمة التي كانت حتمية لنا لأجل أن يعرف الصهاينة أنهم ليسوا وحدهم في المنطقة وأننا أحياء ولم نمت وأننا خسرنا معركة لكننا لم نخسر أنفسنا أو رجولتنا وأننا قادرون علي الدفاع عن أرضنا.. باختصار مهمة حياة أو موت لنا!
الرجال الأربعة نزلوا مياه العقبة وفي رءوسهم كل هذه الاعتبارات.. ومعهم تعليمات لتدمير السفينتين في إيلات وفي داخلهم قناعة تامة بأن الشيء الوحيد الذي يحول دون إتمامهم هذه المهمة الفدائية هو أن يستشهدوا قبلها خلاف ذلك سينفذون المهمة مادامت قلوبهم تنبض!
بدأ العد التنازلي مع أول ضربة في الماء لبدء السباحة تجاه ميناء إيلات.. الظلام حالك وفي مثل هذه العمليات الظلام مطلوب لأنه ستر وحماية بصرف النظر عن أنه رعب يعشش في مجهول!. الظلام يطبق من كل جهة علي مياه العقبة الأبرد من طقسها البارد أصلا في مثل هذا الوقت من السنة.. لكن لا ظلام ولا طقس بارد ولا صمت مطبق ولا أي شيء في الدنيا بإمكانه أن ينال من ثقة الرجال الأربعة في أنفسهم وفي عدالة قضيتهم وفي إصرارهم علي تنفيذ المهمة التي عاشوا أشهر تدريب صعبة. ثبت لهم وهم في الماء أن الذهاب إلي إيلات أسهل كثيرا من التدريبات الشاقة!
الرجال الأربعة يبذلون كل قوتهم في السباحة للحفاظ علي التوقيتات وكل تركيزهم في اختراق جدار الظلام حتي لايقعوا في أي كمين عائم وكل سمعهم لالتقاط أي صوت من أي جهة ربما يشكل خطرا علي مهمتهم!. الأبطال الأربعة يدركون أنهم يؤدون مهمة لاتقبل القسمة أو الجمع والطرح.. ومهمتهم تدمير سفينة إنزال الكوماندوز وحاملة المدرعات البرمائية والقطعتان بالنسبة لنا ليستا مجرد سفينتين حربيتين إنما هما في الواقع يمثلان ثأرا يمس شرفنا وكرامتنا ومصريتنا. الضفادع البشرية المصرية الأربعة يدركون أن الذين يعرفون مهمتهم الفدائية يعدون علي أصابع اليد الواحدة ومع ذلك الرجال الأربعة واثقون من أنهم في مهمة مجد وشرف بالإنابة عن ملايين الشعب المصري الذي لايعرف شيئا عن معاناتهم الرهيبة في التدريب ومهمتهم الفدائية التي تتطلب شجاعة هائلة لايقدم عليها إلا من لديه انتماء لاسقف له لوطن!
الأبطال الأربعة يواصلون السباحة تجاه إيلات إلي أن اقتربوا من الهدف وهذا وضح لهم من الموجود في الأعماق من شباك والمتحرك فوق الماء من دوريات لقوارب خاصة مهمتها تفجير عبوات ناسفة في الأعماق لاصطياد أي ضفادع بشرية ومن طلعات الهليكوبتر التي تطلق طلقات كاشفة في السماء تبدد الظلام علي وجه المياه..
الساعة تقترب من منتصف الليل وهذا التوقيت يعني أنهم أصبحوا علي قرابة الكيلو متر من إيلات وتلك نقطة تجمع للأبطال الأربعة ومراجعة نهائية لخطة التدمير واختبار أخير للمعدات وبعدها يكون الفراق.. المجموعة الأولي البتانوني وأبو ريشة مهمتها تدمير' بيت شفع' والثانية رامي عبد العزيز وفتحي محمد علي ولهما' باتيام'.. وقبل أن يفترق الأبطال ظهرت مفاجأة لم تكن علي البال!
الرقيب فتحي محمد علي فوجئ بأن اسطوانة الأوكسجين الخاصة به فارغة وهذا معناه أنه لن يستطيع الغوص ولم يستغرق الأمر وقتا.. قائد المجموعة الثانية قرر أن يكمل المهمة منفردا ويعود زميله عائما إلي النقطة التي نزلوا فيها المياه بالعقبة.. وبدأ الجزء الأخير من المهمة الخارقة.. وغطس الأبطال الثلاثة وقدرهم أن يبقوا تحت الماء ذهابا وتعاملا مع الأهداف وعودة إلي نفس المكان!
الفدائيون الثلاثة البتانوني وريشة ورامي يعرفون جيدا أن كل سنتيمتر يقطعونه تحت الماء من مسافة الكيلو متر الباقية علي الهدف.. كل سنتيمتر يمثل لهم شيئا لأن الدفاعات فيما تبقي كثيفة وعليهم أن يضعوا عيونهم وسط رءوسهم!. فجأة يجدون أنفسهم أمام ساتر من الشباك والنجاح هنا أن يكتشفوا الشباك قبل الوقوع فيها وتلك حكاية لأن الرؤية تقريبا معدومة تحت الماء.. المهم أنهم وفقوا في اكتشاف الشباك وغطسوا إلي أن عبروا من تحتها!. التقدم مستمر والهدف يقترب ويقترب إلي أن أصبح واضحا تماما.. نعم.. إنها' بيت شفع' التي يعرفون شكلها جيدا من تحت الماء وكيف لايعرفونه وقد حفظوا كل بوصة في قاع هذه الناقلة من الصور الموجودة والتي نجحت المخابرات المصرية في الحصول عليها!. عمرو البتانوني وعلي ريشة يقتربان من ناقلة البرمائيات' بيت شفع' الرابضة علي رصيف إيلات في هدوء وطمأنينة جعلها تنام إلي رصيف الميناء وهي واثقة من أنها في أمان.. وإلي جوارها ناقلة الكوماندوز الأشد ثقة من نفسها ولماذا لاتثق وهي التي أغارت مع زميلتها' بيت شفع' علي حدود مصرية ولم يوقفهما أحد وهما علي أراض مصرية فمن يجرؤ علي الاقتراب منهما وهما في بيتهما ومعقلهما ميناء إيلات؟.
الفدائيون الثلاثة تحت الهدفين.. والملازم أول رامي عبد العزيز دخل علي هدفه بمفرده وتلك أول عملية ضفادع بشرية في العالم لتلغيم ونسف هدف ينفذها فرد بمفرده وليس اثنان.. لكنها الشجاعة المصرية وقدرات المصريين والإيمان بوطن والتصميم علي رد الاعتبار والأخذ بالثأر!. في الوقت المحدد تم التلغيم. لغمان لبيت شفع ولغم' لباتيام'.. والتفجير بعد ساعتين وليس بعد أربع كما كانت الخطة.. والتبكير ساعتين تم بإصرار من الأبطال رغم أنه يمثل خطورة عليهم.. لكنهم أرادوا أن يطمئنوا علي نجاح العملية وهم في أقرب مسافة منها ربما ليستمدوا قوة علي قوتهم عندما يرون بعيونهم إيلات الميناء وقد تحول إلي جحيم!
وبدأت رحلة العودة والحذر فيها مطلوب أكثر وأكثر والقلق يتزايد بل يتضاعف مع كل لحظة تمر خشية وقوع شيء يفسد كل شيء!. الأبطال الثلاثة يعودون من حيث أتوا والوقت يبدو وكأنه توقف أو أنه يسترق لحظات نوم في الثلث الأخير من الليل!. هذه شباك مطلوب الغوص من تحتها وهذا قارب صوت موتوره واضح ولابد أن يبتعدوا قدر الإمكان عنه أما هذه المياه الباردة التي تزداد برودة فتبدو وكأنها ثلج سائل!
انتهت رحلة الغوص تحت الماء بعد ابتعاد الأبطال عن إيلات ليصعدوا إلي سطح الماء ويواصلوا السباحة بكل مايملكون من قوة لأن كل متر يبتعدون فيه عن إيلات له ثمنه!. الوقت يقترب من لحظة الصفر التي هي نهاية الساعتين والفدائيون الثلاثة عيونهم وقلوبهم وعقولهم مع كل ثانية تمر.. يتعجلون الثواني لكي تأتي اللحظة التي ينتظرونها من شهور طويلة!. المشاعر متداخلة وقلق هائل من كل حاجة وأي حاجة!. كل واحد من الثلاثة مرعوب من أن يكون قد حدث سهو أو خطأ في تثبيت اللغم أو ضبط جهاز التفجير!. خوف هائل مشروع ووارد في مثل هذه الأمور من أن تفشل المهمة لسبب هم لايجدونه في فكرهم لكنه يؤرق أذهانهم!. خوف آخر من أن يكون للصهاينة إجراء دفاعي وقائي بفحص قاع السفينتين كل ليلة.. وهذا أمر مفروض أن يتم لكن الغرور والغطرسة من جهة والاستهانة بالمصريين من أخري أعمت بصيرة الصهاينة عن القيام بهذا الإجراء!. الوقت يقترب ولحظة الصفر علي بعد ثوان فقط.. وفجأة!.
انفجر اللغم المثبت في قاع سفينة الكوماندوز' باتيام' لتتحول في لحظة إلي أشلاء تطايرت في الهواء وما تبقي منها لا يصنع قارب صيد بمجداف واحد!. وقبل أن يفيقوا من قوة الانفجار الذي حول سفينة الكوماندوز إلي تاريخ فوجئوا بناقلة البرمائيات وقد تناثرت أحشاؤها في الهواء وعلي سطح الماء بانفجارين للغمين بهما ومعهما تحول ميناء إيلات إلي جحيم و'بيت شفع' إلي بح!
وأطفأ الجبل الذي يحتضن إيلات أنواره ودوت صفارات الإنذار وانطلقت الهليكوبترات هائجة في السماء وانتشرت القوارب علي سطح الماء.. الكل يبحث عن الضفادع البشرية المصريين!
المتبقي حوالي الـ90 دقيقة ويصلون إلي نقطة الخروج من الماء.. الرجال يسبحون ويغطسون وهم عائدون وليس عندهم مايخافون منه فالمهمة تحققت والرسالة وصلت واستشهادهم لن يغير شيئا!
وعادوا بسلامة الله إلي النقطة المحددة وخرجوا من الماء وفور خروجهم جري أول اتصال لهم مع القيادة.. وكان لهم مطلب واحد: أن يعود عمرو البتانوني مرة أخري باللغم الرابع الذي لم يستخدم ويلغم به المتبقي في ميناء إيلات.. علي اعتبار أن الصهاينة لن يتوقعوا أي هجوم آخر!. وجاء الرد بالرفض وبدأت رحلة العودة وحدث ماحدث فيها والمهم أن الأبطال الأربعة عادوا إلي مصر.. بعد أن صنعوا مجدا لايوصف وشرفا لاسقف له!
الذي حدث في ليلة الجمعة5 فبراير1970 ملحمة فداء وشجاعة ووطنية وولاء وانتماء قام بها أربعة أبطال مصريون هم نبت أرض مصر الطيبة ونبتها لم ولن يتوقف والذي يحدث أنه تعرض ويتعرض لهجمات شرسة لأجل محو هوية هذا النبت!
هذه الشجاعة الهائلة واحدة من مئات الأعمال البطولية الفذة التي قام بها أبطال مصريون وكلها تعكس حقيقة واحدة أننا شعب عظيم لايقبل أن تدهس ذرة تراب واحدة من أرضه ولايعرف المستحيل ومقومات إمكاناته هائلة وداخل صدوره شجاعة نادرة وكل هذه المقومات هي التي صنعت انتصار أكتوبر1973 رغم الفارق الهائل في التسليح كما وكيفا بيننا وبينهم وتلك النقطة تحديدا أثبت المصريون من خلالها للعالم كله أن العبرة ليست في السلاح وإنما فيمن يحملون السلاح!. وأيضا تلك النقطة هي الهدف الجاري حاليا ضربه وتحطيمه في الشباب المصري والذي يحدث في الفيديو كليب جزء من هذا التحطيم!
الشجاعة النادرة التي قام بها أبطال الضفادع البشرية المصريون الأربعة هي قصة حدثت وقصدت أن أستدعيها إلي الذاكرة في نفس شهر فبراير الذي وقعت فيه لأضعها أمام شبابنا ليعرف كل شاب منها أنه كان يمكن أن يكون واحدا من الأربعة لو كان موجودا في هذه الفترة وأن هذه الشجاعة بالتأكيد موجودة داخله اليوم لكنها كامنة مثلما الانتماء كامن والمهم أن يعرف هذه الحقيقة!
تحية للأبطال الأربعة عمرو البتانوني ورامي عبد العزيز وعلي أبو ريشة وفتحي محمد علي..
وللعلم أبطالنا الأربعة أحياء بيننا وثلاثة منهم.. البتانوني ورامي وأبو ريشة يعيشون في الثغر ويابخت الإسكندرية..