اكتشاف سرّ الرضاعة الطبيعية
لا تزال الدراسات العلمية تثبت فوائد الرضاعة الطبيعية التي أمر الله بها، ومن آخر الأبحاث ما يلي....
يؤكد الباحثون في دراسة جديدة أن فوائد الرضاعة الطبيعية تتعدى الطفل لتشمل الأم أيضاً، بل وتقوي الرابطة العاطفية بين الأم وطفلها. وفي خبر نشر على
موقع CNN فقد أجمعت البحوث العلمية على الفوائد المتعددة للرضاعة الطبيعية في حين أظهرت أخرى أن الفائدة تشمل الأم كذلك.
الرضاعة الطبيعية من أكثر السُبل فعالية لضمان صحة الطفل، ويسهم اختصار فترة الرضاعة الطبيعية على الأشهر الستة الأولى من حياة الرضيع في وقوع أكثر من مليون من وفيات الأطفال التي يمكن تفاديها سنوياً.
وهناك، في جميع أنحاء العالم، أقل من
40% من الرضّع دون سن
6 أشهر ممّن يُغذون بلبن أمهاتهم فقط، وفق منظمة الصحة العالمية.
يقول العلماء: ينبغي إرضاع الأطفال من حليب الأم منذ اللحظة الأولى لولادتهم، وتقول ميليندا جونسون، أخصائية التغذية في جامعة ولاية أريزونا: "التغذية القائمة على الرضاعة الطبيعية مثالية لنمو الأطفال، فعلى سبيل المثال فإن حمض (docosahexaenoic acid) ويعرف علمياً بـ DHA، وأوميغا 3 الأحماض الدهنية ضرورية للغاية لنمو المخ وتطوير الجهاز العصبي"، إن توفر هذا الحمض في حليب الأم قد يفسر النتائج التي توصل إليها العلم بأن الأطفال ممن رضعوا طبيعياً كان تحصيلهم الأكاديمي أفضل.
أما روث لورنس، بروفيسور طب الأطفال وأمراض النساء والتوليد في جامعة روتشستر بنيويورك فتؤكد أن حليب الأم يحتوي على الحمض الأميني تورين، وهي مادة ضرورية لنمو مخ الجنين، لأن أجسام المواليد الجدد والخدج، وعلى خلاف البالغين، لا تنتج "تورين"، وهو أحد الأحماض الأمينية التي يحتاجها المخ للنمو، فالمخ يتضاعف حجمه خلال العام الأول من الحياة، وهذا يجعل من الضرورة القصوى تغذيته بما يساعده على النمو.
وثبت علمياً أن حليب الأم يحرك عمل جهاز مناعة الطفل، ويعتقد الباحثون أن هذا يعود جزئيا إلى البروتين الموجود في هذا الحليب، ويعرف بـ
CD14 المذاب. وتطوّر الرضاعة ترابطاً عاطفياً بين المولود والأم، رغم صعوبة تحديد كيفية وأسباب ذلك.
لا ينصح العلماء بتناول الحليب الاصطناعي أو حليب البقر خلال السنتين الأوليين إلا كغذاء مكمل في حال عدم توفر حليب الأم، لأن الأبحاث تؤكد أن لبن الأم هو أنسب غذاء يمكن إعطاؤه للرضع إذ أنه يوفر لهم جميع العناصر المغذية التي يحتاجونها للنمو بطريقة صحية. والمعروف أنه يحتوي على أضداد تساعد على حماية الرضع من أمراض الطفولة الشائعة- مثل الإسهال والالتهاب الرئوي، وهما السببان الرئيسيان لوفاة الأطفال في جميع أنحاء العالم.
والرضاعة الطبيعية تعود بفوائد على الأمهات أيضاً. فكثيراً ما تؤدي هذه الممارسة، عندما يُقتصر عليها، إلى وقف الحيض ممّا يشكل وسيلة طبيعية لتنظيم الولادات. كما أنّها تسهم في الحد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي والسرطان المبيضي في مراحل لاحقة وتساعد النساء على العودة، بسرعة، إلى الأوزان التي كانوا عليها قبل الحمل وتقلّص معدلات السمنة، وفق منظمة الصحة.
وينبغي بدء الرضاعة الطبيعية في غضون الساعة الأولى من ميلاد الطفل؛ كما ينبغي إرضاعه "بناء على طلبه"، أي كلما رغب في ذلك، خلال النهار أو أثناء الليل.
ولابد أن نتوقف عند هذه الدراسة ونقول:
إن الذي يتأمل هذه الحقائق الطبية المكتشفة حديثاً يتساءل: مَن الذي نظّم هذا التركيب الفريد لحليب الأم، هل هي الطبيعة أم الله تعالى؟ العلماء يعجبون من التركيب الفريد لحليب الأم، فهذا الحليب لا يمكن صناعته أو تقليده أو تبديله بأي حليب آخر.
كذلك نلاحظ أن النسب الضرورية من المواد المغذية للطفل موجودة في حليب الأم، والمواد التي خلقها الله في لبن الأم مفيدة لها ولولدها، فهل جاء هذا التركيب المعقد بالمصادفة؟
كما رأينا في دراسة سابقة كيف أن المدة المثالية للرضاعة الطبيعية للطفل هي سنتان، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: (
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة: 233]. فمَن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الزمن بهذه المدة وهي حولين كاملين؟
وتأملوا معي كلمة (
كَامِلَيْنِ) إنها كلمة تؤكد على ضرورة إكمال السنتين، وتأملوا معي هذه العبارة (
لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) والتي تدل على أن الرضاعة لا تكتمل إلا بالإرضاع لسنتين، وهو ما يقوله العلم الحديث اليوم، فسبحان الله!