المدينة المنورة تسجل 100 ألف معتكف في العشر الأواخر من رمضان
في مثل هذه الأيام من كل عام، يتوافد على الحرمين الشريفين،
سواء في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، أعداد من المحتسبين والمعتكفين،
ممن يقضون آخر أيام الشهر الفضيل في أروقة المساجد، سعيا للتقرب من الخالق
عز وجل.
ووفرت السعودية، ممثلة بالرئاسة العامة لشؤون الحرمين في مكة والمدينة،
أجهزة كومبيوتر محمولة، ليتمكن المعتكفون من الاستفادة منها، سواء في
التسجيل ضمن قوائم المعتكفين، أو في حين رغبتهم في الحصول على أي خدمة أخرى
على الشبكة العنكبوتية.
واتخذت الرئاسة العامة خطوات مستحدثة في تسجيل الراغبين في الاعتكاف؛ حيث
اعتمدت الطريقة الإلكترونية للتسجيل عبر موقع وكالة الرئاسة على الإنترنت،
في حين بادرت بتوفير عدد كبير من أجهزة الكومبيوتر المحمول إلى الحرم
وتوفير عدد من المتطوعين والمنسوبين بغرض مساعدة المعتكفين في تسجيل
بياناتهم ضمن المعتكفين.
ومع كل عام، تأخذ وكالة الرئاسة العامة لشؤون الحرمين في مكة والمدينة
المنورة بإصدار تعليمات وشروط تسعى من خلالها إلى تنظيم الاعتكاف في
المسجدين، وتبادر بنشر تلك التعليمات في عدة مواقع في ساحات الحرم، مع
تحديد فترات الاعتكاف من فجر اليوم العشرين من رمضان، حتى بعد صلاة العشاء
من ليلة عيد الفطر المبارك.
وقدر مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عدد الذين تقدموا بطلبات للاعتكاف، حتى
أمس، بنحو 100 ألف شخص، مبينا أن العدد في تزايد حتى نهاية التسجيل الموافق
20 من رمضان، أمس، وأن عدد المصلين تجاوز مليوني شخص من الجنسين أمس.
وعممت السلطات السعودية تعليمات، في عدة لغات هي العربية والإنجليزية
والأوردية، اشتملت على 9 شروط، بينها تنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة
خدمات الأبواب، والحفاظ على نظافة المسجد النبوي، وعدم إزعاج المصلين.
ففي طيبة الطيبة تشاهد خليطا من البشر تفوق أعدادهم مئات الألوف، يجتمعون
يوميا في مسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام، وتتزايد أرتالهم مع اقتراب
العشر الأواخر من الشهر الفضيل، منهم من يعتكف داخل المسجد، ومنهم من يصلي
التراويح والتهجد ويخرج ليعود مره أخرى لصلاة الفجر وبقية الصلوات.
مع أول ليلة من ليالي العشر الأواخر، تستنفر المدينة المنورة جميع مؤسساتها
الحكومية الأمنية بهدف توفير العناية والرعاية في أداء مشاعرهم بكل يسر
وسهولة وطمأنينة.
وتضطلع إدارة المرور بتنظيم السير والطرقات وفك الزحام؛ حيث تنتشر الدوريات
ورجال الأمن من ضباط وأفرد بكثافة استعدادا للعشر الأواخر من رمضان،
بينما تباشر الإدارات الحكومية بمختلف قطاعاتها تنفيذ خططها، بدءا من
الجهاز الرئيسي، المتمثل في الإمارة، والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام
والمسجد النبوي الشريف، والأمانة، والشرطة، والهلال الأحمر، ووزارة
التجارة، والشؤون الصحية، ومصلحة المياه والصرف الصحي. العقيد عمر
النزاوي، مدير شعبة السلامة الناطق الإعلامي لمرور منطقة المدينة المنورة،
قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مرور المدينة استنفر جميع طاقاته من الضباط
والأفراد؛ حيث يوجدون في الميدان، وتنتشر فرق ميدانية في جميع المزارات
الإسلامية في مسجد الميقات ومسجد قباء وجميع المساجد التي تقام فيها صلاة
القيام، وفي الأسواق، لتنظيم حركة السير دون زحام وتكدس».
وأشار النزاوي إلى خطة وضعت لتطويق المسجد النبوي بفرق ميدانية تمنع دخول
السيارات الصغيرة التي لا تحمل ركابا، وتسمح للسيارات الكبيرة التي تنقل
المصلين لأقرب نقطة للحرم، وبعد الانتهاء من الصلاة يطبق الجزء الثاني من
خطة المرور للمنطقة المركزية، ويتم إعطاء المصلين مساحة كبيرة من التحرك
دون أي عوائق من قبل المركبات، يتم فيها استنفار كل الطاقات والإمكانات
البشرية والآلية لتقديم أفضل الخدمات للزوار.
من جهتها، شكلت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي فريق عمل ممَّا
قارب 4600 موظف وموظفة، لخدمة زوار المسجد النبوي الشريف، يعملون على تهيئة
وتوفير جميع الخدمات والمرافق التي تخدم الزائرين، ليتمكن زوار المسجد من
تأدية عباداتهم بيسر وسهولة.
وأوضح عبد الواحد الخطاب، مسؤول العلاقات العامة والإعلام في وكالة الرئاسة
العامة لشؤون المسجد النبوي، أن الأعمال والخدمات التي تقدم لزوار المسجد
تدار من خلال نحو 1400 موظف وموظفة، مدربين على حسن التعامل والتخاطب
خلال دورات مستمرة، بالإضافة إلى تأهيل مشرفين ومهندسين وعمال وعاملات،
يبلغ عددهم نحو 3200 شخص، معتبرا ذلك ضمن الجهود التي تبذلها إدارات وكالة
الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، الرامية لتقديم كل الرعاية وأفضل
الخدمات لزوار مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى يؤدوا عباداتهم في
راحة واطمئنان.
وأضاف، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخدمات يتم تقديمها في جميع
الأوقات ولا تقتصر على أحد معين؛ إذ يقوم الموظفون بأعمال التوجيه والإرشاد
والمراقبة وحراسة الأبواب التي يبلغ عددها 90 بابا، وفتح الممرات داخل
الساحات وداخل المسجد النبوي وتوجيه المصلين للأماكن الخالية، بالإضافة
لإرشاد النساء إلى أماكنهن، كما تتم مراعاة وترتيب الفرش في جميع المواقع
داخل المسجد النبوي والسطح وبعض مواقع الساحات التي تحتاج للفرش، والتي
تزيد على 8 آلاف سجادة».
على صعيد قطاع الإيواء، فقد أغلقت معظم الفنادق أبواب حجوزاتها بعد أن
انشغلت جميع غرفها بزوار الحبيب، عليه الصلاة والسلام، وبحسب عبد الله
الصاعدي، فإن معظم الفنادق في المدينة قد أغلقت أبوابها، خاصة الفنادق
القريبة من الحرم؛ نظرا لارتفاع عدد زوار المسجد النبوي خلال هذه الأيام.
وأضاف الصاعدي لـ«الشرق الأوسط» أن بعض النزلاء في الفنادق قاموا بالحجز
وتأكيد حجوزاتهم ودفع مبالغ بوقت مبكر، استعدادا لقضاء العشر الأواخر قريبا
من مسجد الرسول في المدينة، مشيرا إلى أنه في العشر الأواخر يصعب وجود
غرف وشقق شاغرة.
وأوضح المهندس عايد بن حسي البليهشي، مدير إدارة الإعلام والمتحدث الرسمي
بأمانة منطقة المدينة المنورة، لـ«الشرق الأوسط»، أنه نظرا لتزايد أعداد
المعتمرين الذين يفدون من جميع أنحاء العالم الإسلامي خلال شهر رمضان
المبارك، قامت أمانة المدينة المنورة بإعداد خطة وبرنامج خلال العشر
الأواخر من شهر رمضان المبارك على أساس مضاعفة الخدمات المختلفة وذلك على
مدار الـ24 ساعة، وكذلك حشد جميع الطاقات البشرية والمادية وتجهيز المعدات