النبي صل الله علية وسلم وأخطاء الأطفال
هناك أخطاء مختلفة المشارب يقع فيها المتعلم وهنا يكمن دور المربي لمعالجة تلك الأخطاء بالصورة التربوية المناسبة ويبنى علاج الخطأ على أسس تربوية علمية بحيث ينعكس أثرها لدى المتعلم فيستفيد من خطئه فلا يرتكبه مرة أخرى ولنرى الآن كيف عالج الرسول صلى الله عليه وسلم أخطاء الأطفال :
عن عمر بن أبي سلمه – رضي الله عنهما – قال : كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أي تحت رعايته )) وكانت يدي تطيش في الصحفة (( أي تتحرك هنا وهناك في إناء الطعام )) فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يا غلام سم الله , وكل بيمينك , وكل مما يليك )) رواه البخاري ومسلم .
من الفوائد التربوية :
1-كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل مع الصغار وهذا يدل على قوة الامتزاج نفسي بين المربي والمتعلم فيستطيع أن يفتح الحوار معهم ويناقشهم ويصحح أخطاءهم ولهذا ما أحرى أن يجلس الأب والأم مع أبنائهم أثناء الطعام حتى يشعر الأبناء بأهمية الوالدين لهم. وهذا مما يؤدي إلى تقبل الأبناء إلى ما يمليه عليهم والديهم من توجيهات سلوكية و إيمانية وتربوية .
2-أحسن الرسول صلى الله عليه وسلم التوقيت المناسب لعلاج خطأ ابن أبي سلمة وذلك عندما كان الخطأ مستمراً فيه , فيجب تصحيحه مباشرة قبل أن يتحول الخطأ إلى عادة مكتسبة , وعندما يتحول إلى عادة فمن الصعب معالجتها و إن عالجناها فإننا نحتاج إلى وقت طويل من الوقت والجهد لتصحيحها لهذا نلاحظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بمباشرة علاجه الخطأ أثناء استمراريته وهذه لفتة تربوية يجب أن يستفيد منها الآباء والمربون في وقتنا الحاضر . 3-بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم المعلم بمناداة المتعلم بصيغة (( يا غلام )) وهذه المناداة محببة لنفس المتعلم (( عمر بن أبي سلمة )) – رضي الله عنهما – فيكون ذلك أدعى لانتباهه واستجابته للنصيحة , بينما مع الأسف الشديد في وقتنا الحاضر يخطىء الكثير من الآباء و الأمهات والمعلمون عندما يرون سلوكاً غير سوي من أبنائهم وطلابهم فإنهم يغضبون أشد الغضب وينادونهم بأقبح أسمائهم وهذا بلا شك يؤدي إلى نفور الأبناء من تقبل نصائح آبائهم و أمهاتهم ومعلميهم .
4-لم يعالج الرسول صلى الله عليه وسلم طيشان يد أبي سلمة بالإناء فقط إنما أراد – عليه الصلاة والسلام – أن يشمل التصحيح منذ البداية الأولى وهي الجلوس للأكل فقط -- عليه الصلاة والسلام – (( يا غلام سم الله , وكل بيمينك , وكل مما يليك )) ولهذا يجب على الآباء والمربين في وقتنا الحاضر إذا أرادوا معالجة أخطاء المتعلمين و الأبناء فعليهم معالجة أساس المشكلة وجذورها كالذي يراه والده يدخن (( السجائر )) وقد تعلم هذا السلوك من أصحابه فيقوم الوالدين بأخذ السجائر منه أو حرمانه من المال حتى لا يشتري السجائر ويتركون منعه من الذهاب إلى أصدقائه الذين هم أساس المشكلة وبعد ذلك لا يلاحظون أي تقدم في سلوك أبنائهم . 5-استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الترتيب الصحيح عند العلاج فقد قال : عليه الصلاة والسلام : (( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ))
•أولاً : التسمية
•ثانياً : الأكل باليمين •ثالثاً : الأكل مما يلي 6-ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب الغلام بخالقه عند ابتداء الأكل فقال يا غلام سم الله , وهذا توجيه فطري لفكر الصغار لحب الله وإشعارهم بأنه هو الذي رزقهم هذا الطعام ولولا رزقه لهلكنا من الجوع والعطش ولهذا يزداد حب الأطفال لله – تبارك وتعالى – وعندما يحبونه يتكون لديهم الاستعداد النفسي والفكري لتلقي ما يأمر به – تبارك وتعالى – وبذلك نجح المربي بإيصال المتربي بخالقه . ومن المواقف أيضاً ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : أخذ الحسن بن علي – رضي الله عنهما – تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كخ ... كخ .. ارم بها , أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ))
قال النووي رحمه الله وقوله : كخ .. كخ ... يقال بإسكان الخاء يقال بكسرها مع التنوين وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذرات وكان الحسن – رضي الله عنه – صبياً صغيراً .
ففي هذا الحديث زيادة لطيفة وهي طريقة الزجر بهذه الكلمة (( كخ .. كخ ... ))ثم ما لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن علل لهذا الطفل سبب عدم الأكل وعدم حله له لتكون له قاعدة فكرية عامة في حياته كلها (( أما علمت إنا لا تحل لنا الصدقة )) وذلك بصيغة رائعة (( أما علمت )) وذلك ليكون وقعها على نفسه أقوى تأثيراً .
وهناك أيضاً لطيفة أخرى : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بزجر الصبي عن الأكل ولكنه ذكر له السبب مع أن الطفل قد لا يفهم التعليل (( لصغر سنه )) ومن هنا فالواجب على الآباء والمعلمين والمربين إذا ما قاموا بتصحيح أخطاء الأطفال أن يكون هذا التصحيح مبيناً على الإقناع والتعليل لا على التسلط والقهر ,فانتبه لذلك!