كلامه وضحكه صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس منطقاً وأحلاهم كلاماً ويقول:
أنا أفصح العرب وإن أهل الجنة يتكلمون فيها بلغة محمد صلى الله عليه وسلم وكان نزر الكلام سمح المقالة إذا نطق ليس بمهذار وكان كلامه كحرزات نظمن قالت عائشة رضي الله عنها: كان لا يسرد الكلام كسردكم هذا كان كلامه نزراً وأنتم تنثرون الكلام نثراً. قالوا: وكان أوجز الناس كلاماً وبذاك جاءه جبريل وكان مع الإيجاز يجمع كل ما أراد وكان يتكلم بجوامع الكلم لا فضول ولا تقصير كأنه يتبع بعضه بعضاً بين كلامه توقف يحفظه سامعه ويعيه وكان جهير الصوت أحسن الناس نغمة وان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة ولا يقول المنكر ولا يقول في الرضا والغضب إلا الحق ويعرض عمن تكلم بغير جميل ويكنى عما اضطره الكلام إليه مما يكره وكان إذا سكت تكلم جلساؤه ولا يتنازع عنده في الحديث ويعظ بالجد والنصيحة ويقول: " لا تضربوا القرآن بعضه ببعض فإنه أنزل على وجوه " وكان أكثر الناس تبسماً وضحكاً في وجوه أصحابه وتعجباً مما تحدثوا به وخلطاً لنفسه بهم ولربما ضحك حتى تبدو نواجذه، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم اقتداء به وتوقيراً له، قال: ولقد جاءه أعرابي يوماً وهو عيه السلام متغير اللون ينكره أصحابه فأراد أن يسأله فقالوا: لا تفعل يا أعرابي فإنا ننكر لونه فقال: دعوني فوالذي بعثه بالحق نبياً لا أدعه حتى يتبسم، فقال: يا رسول الله بلغنا أن المسيح يعني الدجال يأتي الناس بالثريد وقد هلكوا جوعاً أفترى لي بأبي أنت وأمي أن أكف عن ثريده تعففاً وتنزهاً حتى أهلك هرالا أم أضرب في ثرده حتى إذا تضلعت شبعاً آمنت بالله وكفرت به؟ قالوا: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال: " لا بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين " قالوا: وكان من أكثر الناس تبسماً وأطيبهم نفساً ما لم ينزل عليه قرآن أو يذكر الساعة أو يخطب بخطبة عظة وكان إذا سر ورضي فهو أحسن الناس رضاً فإن وعظ وعظ بجد وإن غضب - وليس يغضب إلا الله - لم يقم لغضبه شيء وكذلك كان في أموره كلها وكان إذا نزل به الأمر فوض الأمر إلى الله وتبرأ من الحول والقوة واستنزل الهدى فيقول " اللهم أرني الحق حقاً فأتبعه وأرين المنكر منكراً وأرزقني اجتنابه وأعذني من أن يشتبه علي فأتبع هواي بغير هدى منك واجعل هواي تبعاً لطاعتك وخذ رضا نفسك من نفسي في عافية واهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " .