السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اتمنى ان ينال اعجابكم
زراعة الأعضاء
إن تاريخ زراعة الأعضاء طويل والتطورات الحديثة في هذا المجال هي نتاج دراسات و أبحاث و تجارب كثيرة و شاقة . و خلال ال40 سنة الماضية تطورت زراعة الأعضاء من مرحلة التجارب المعملية إلي الممارسة العملية. و تعتبر الآن العلاج الأمثل و الوحيد لكثير من حالات فشل الأعضاء كالفشل الكلوي و تليف الكبد و فشل النخاع العظمي. و كذلك في حالات زرع قرنية العين و الجلد. و بذلك أصبح بالإمكان إنقاذ حياة ملايين من البشر
إن تعريف زراعة الأعضاء هو نقل جزء من عضو أو عضو كامل من أعضاء الجسم أو أنسجة أو دم من مكان إلي آخر إما داخل نفس الشخص أو لشخص آخر. ويكون نقل عضو أو جزء منه من شخص حي أو شخص متوفى مع اختلاف التفاصيل لكل نوع. و في الحالة الأولي (شخص حي) يجب أن يكون العضو المنقول قادر علي إعادة بناء نفسه كما في حالات التبرع بجزء من الكبد، أو يكون هناك عضو آخر قادر علي أداء نفس الوظيفة كما في حالات التبرع بإحدى الكليتين.
و كمعظم الاكتشافات في مجال الطب يكون التركيز الأولي علي الإجراءات الإكلينيكية و الجراحية، و لكن في حالة زرع الأعضاء كان التحدي الأكبر في إمكانية الإبقاء علي العضو المنقول دون رفض جسم الشخص المتلقي له عن طريق جهازه المناعي الذي ينشط لطرد أي جسم غريب بداخله. و بناء عليه هناك اختبارات ضرورية لنجاح عملية زراعة الأعضاء، وقد تختلف أهمية كل منها حسب العضو المطلوب نقله
اختبار فصيلة الدم :
هذا الاختبار ضروري في جميع الحالات و يجب أن يكون هناك توافق تام بين المتبرع و المتلقي
اختبار توافق الأنسجة
لكل شخص خريطة جينية مختلفة عن أي شخص آخر و الذي يحددها أنواع مختلفة من البروتينات (الانتيجينات) الموجودة علي الخلايا الليمفاوية لكل شخص. و تحديد نوع هذه الانتيجينات لكل من المتبرع و المتلقي يسمي اختبار توافق الأنسجة. و هذا التوافق ضروري في حالات زراعة النخاع العظمي و بنسبة اقل في حالات زراعة الكلي.
اختبار وجود الأجسام المضادة:
يقوم هذا الاختبار علي أساس فصل بعض الخلايا الليمفاوية من المتبرع ووضعها مع مصل الدم من المتلقي و الكشف علي تأثير ذلك علي الخلايا ، فإذا أدى ذلك لموت خلايا المتبرع فان ذلك دليل علي وجود أجسام مضادة في دم المتلقي، و التي ستقوم بمهاجمة العضو المنقول وتدميره خلال ساعات قليلة بعد العملية
أهم مضاعفات ما بعد العملية:
رفض العضو المنقول:
يكون ذلك لأحد سببين، الأول هو عدم توافق الأنسجة مما يؤدي إلي إرسال إشارات إلي الجهاز المناعي للمتلقي بوجود أجسام غريبة و بذلك تنشط الخلايا المناعية في محاولة للتخلص منها و تهاجم العضو و تدمر خلاياه. أما السبب الثاني فهو وجود أجسام مضادة في دم المتلقي ضد أنسجة المتبرع و التي تقوم أيضا بمهاجمة الأنسجة وتدميرها.
الإصابة بالعدوى الفيروسية:
قد تكون هذه من الأسباب الرئيسية للوفاة بعد إجراء العملية و ذلك لوجود عديد من الفيروسات القادرة علي الكمون في جسم الإنسان و انتهاز الفرصة عند التعرض لنقص المناعة. و من هذه الفيروسات السيتوميجالو و البشتين بار. ومن الاختبارات الأساسية أيضا فيروس الكبد الوبائي بي و سي و فيروس نقص المناعة المكتسبة. كما يجب إجراء هذه الاختبارات للمتبرع حتى لا يكون مصدر العدوى.
تجنب المضاعفات
من التطورات الملموسة في هذا المجال إمكانية نقل العضو تحت مظلة من المثبطات المناعية والتي يتم إعطاؤها قبل وبعد العملية للمتلقي. وتقوم المثبطات المناعية ( ومن اشهرها السيكلوسبورين) بتثبيط الخلايا الليمفاوية و جعلها غير قادرة علي التكاثر ومهاجمة الأنسجة. و لكن هي أيضا تؤدي إلي زيادة قابلية الجسم للعدوى الفيروسية كما ذكرنا من قبل.
ولذلك يعتبر اختيار الجرعات المناسبة لكل شخص تحدي كبير يواجهه الطبيب المعالج و يكون السؤال، كيف من الممكن إعطاء الدواء المناسب بالجرعة المناسبة للحفاظ علي أنسجة العضو المنقول من هجوم الجهاز المناعي له بدون التأثير علي قدرته في مواجهة العدوى بالأمراض المختلفة و التي قد تكون سببا أساسيا للوفاة
أسباب فشل عمليات زرع الأعضاء
يعزى الفشل في عمليات زرع الأعضاء، والذي يخيف كلاً من الطبيب والمريض معاُ، لظاهرة الرفض المناعي Immunological Rejection.
يحدث الرفض المناعي نتيجة نشاط الجهاز المناعي للمريض الذي أجريت له عملية الزرع ومهاجمته للعضو المزروع لديه نتيجة اعتباره جسم غريب ولقد ساعد تطور الطب مع الاكتشافات الحديثة على التخفيف من حدة هذا الفرض إلى حد ما خاصة في مجال تحديد الفصائل النسيجية وتطوير الأدوية المثبطة للمناعة التي تستعمل للوقاية من الرفض وعلاجه.
نسبة نجاح زرع الأعضاء:
إن نجاح زراعة الأعضاء تختلف من عضو إلى آخر، ومن فرد إلى آخر.
فبالنسبة للكلى إذا كان المتبرع حيا فإن نسبة النجاح هي أكثر من 95% وقد تصل في كثير من المراكز إلى 97%. أما إذا كان المتبرع ميتا، فإن نسبة النجاح تبدأ من 95% في السنة الأولى، ثم تبدأ تقل على مدار الـ 5 سنوات حتى تصل إلى 80%. فالكلى التي زرعت لـ 100 شخص ـ والمأخوذة من متبرع ميت ـ نجد أن 80 منهم لا تزال الكلى المزروعة فيهم تعمل عملاً جيداً، وهي نسبة نجاح عالية جداً
بالنسبة للكبد فإن النسبة أقل بقليل من ذلك. إلا أن المراكز المتقدمة جدا في مجال زراعة الكبد فقد حققت نجاحا وصل إلى 85%. بالنسبة للبنكرياس فإن نسبة النجاح أقل من ذلك.
أما بالنسبة للقلب فتعتمد نسبة النجاح على المركز الذي يجري هذه العملية. وباختصار يمكن القول بأن زرع الكلى فقد أصبحت عملية سهلة ومنتشرة في مراكز متعددة جداً، وفي معظم أرجاء العالم تتراوح نسبة النجاح ما بين 85 - 95%.
زرع الأعضاء الحيوانية:
تواجه عمليات زرع الأعضاء الحيوانية بالرفض الشديد من قبل جسم الإنسان. إلا أنه مع تطور هندسة الجينات فربما في المستقبل القريب (أي في حدود 10 سنوات) يتوقع أن يكون زرع أعضاء الحيوان للإنسان أكثر نجاحا. وهذا الأمر ينطوي على كثير من الأهمية، خصوصا أنه تواجه صعوبات بالغة في تأمين متبرعين بشر سواء كانوا من الأحياء أو من الأموات. فعدد المتبرعين هو أقل بكثير من عدد المحتاجين لهذه الأعضاء. والمشكلة الثانية في نقل أعضاء الحيوان هي أن بعض الحيوانات تصاب بأمراض فيروسية إذا انتقلت إلى الإنسان فإنها تكون خطيرة، وقد تنتقل من هذا الإنسان إلى الآخرين عن طريق العدوى. إلا أن الأبحاث حالياً مُركَّزة بشكل مكثف للتغلب على هذين العائقين وهما مشكلة الرفض الشديد لجسم الإنسان وأمن العدوى.
شروط التبرع:
إن العلماء الذين أجازوا هذا قالوا بشرط أن يترجح أن المريض سينتفع من هذا العضو، طبعاً اليقين لا يعلمه إلا الله، فهذا غيب (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً) إنما يكون حسب سنن الله، حسب النظر في الأسباب والمسببات، أن المريض سينتفع بهذا الأمر ويعيش مدة معقولة، إنما إذا كان يموت فنقوم بنقل عضو من شخص إليه فهذا لا يجوز، لابد أن يكون حسب السنن أن صحته جيدة، ولا ينقصه إلا هذا الأمر، وإذا أعطي له فسوف ينتفع به، هذا حسب الظاهر لنا، نحن نحكم بالظاهر والله يتولى سره، ونحن نعلم أن الأحكام العملية أحكام الفقه تبنى على غالب الظن ولا تبنى على اليقين، فنحن نحكم بشهادة اثنين وقد يكونا واهمين أو أحدهما، أو يكونا كاذبين أو أحدهما، فهذا احتمال قائم لكن الظن الغالب أنهما صادقان، وحسب تزكية الناس لهما وحسب ظاهر أمرها فنحن نحكم بغالب الظن.
التبرع لا يأتي بالأمر وخاصة إذا كان الولد صغيراً فلا يجوز ذلك، يشترط في المتبرع أن يكون بالغاً، حتى أن البعض قال أنه لابد أن يبلغ سن 18 سنة، فالفقهاء مختلفين في سن البلوغ بعضهم قال 15، بعضهم قال 17 أو 18، بل الأطباء قالوا أن يبلغ 21 سنة، وهو ما يعتبر بسن الرشد لأن هذا الأمر خطير، فإذا كان الولد صغيراً فلا يجوز من أبيه أن يأمره، ولا يجوز له أن يأخذ أي عضو فيه، وإذا كان كبيراً فهو أمير نفسه، إن شاء تبرع لأمه وإن شاء لم يتبرع لها، هذا ليس من شرائط البر أن يتبرع لها بعضو منه، هذا أمر مندوب وليس مفروض، ولا يجوز للأب أن يجبر ابنه على التبرع لأمه، لأن هذه الأشياء ليست من الأمور الواجبة حتى يؤمر عليها الإنسان، هذه أشياء يتطوع بها الإنسان باختياره وبإرادته المحضة وليس لأحد أن يجبر أحداً على التبرع بعضو من أعضاءه، لابد أن تطيب نفسه تماماً بهذا الأمر.
[b]