منهجية التفكير
المقدمة
الحق أن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من التفكير ، وإلى إنصات ونظر عميق ؛ لأن هذه المسألة لها أهمية كبرى ، ويعوّل عليها في كثير من أمور الخير والإصلاح التي نأملها ونرتقبها لأمتنا ، وحتى نغتنم الوقت نشرع في موضوعنا بدأً لإلقاء ضوء سريع على :
معنى التفكير والمنهجية : فالتفكير من خلال التعريفات التي طالعتها يمكن أن يلخص في عناصر رئيسة ثلاثة : -
الأول : وجود المعلومات والخبرات المنظمة التي هي أساس ومادة التفكير .
ثانياً : استخدام هذه المعلومات والخبرات في معرفة الأسباب وتحليل الظواهر .
ثالثاً : الاستفادة من المعلومات ، ومن النظر التحليلي في دراسة الحلول وتأثير هذه المعلومات والأسباب في إيجاد حلول للمشكلات .
فإذن عندنا في الأول معلومات يستفاد منها في التحليل والتعليل ، ويستفاد من المعلومات والتحليل في اكتشاف الحلول ، وإيجاد البدائل النافعة للأمور التي يراد التخلص منها ، أو تغييرها ، ومن هنا وردت تعريفات كثيرة فقال بعضهم : إن التفكير هو تكامل الخبرات السابقة وتنظيمها من ناحية ، واكتشاف الاستجابات الصحيحة من ناحية أخرى ، وهذا التعريف يشتمل على نقطتين مما ذكرنا .
وتعريف آخر يوجز ويجمع فيقول :
إن التفكير هو : مجموعة الأساليب التي يتبعها العقل لمعرفة السبب واكتشافه .
أما المنهج : فالمنهج أصلاً من النهج وهو الطريق فالمقصود من المنهج هو الطريق التي تتبع لاستخدام هذه المعلومات والخبرات وذلك التحليل وفق أصول معينة .
فالمنهجية هي طريقة منظمة تستند إلى قواعد وضوابط وفيها محاذير وموانع .
فدائماً إذا قيل لك ما المنهج في التأليف أو المنهج في البحث ؟
فغالباً ما يقال لك : ينبغي أن تأخذ بهذه الخطوات ؛ واحد- اثنان- ثلاثة ، ولابد أن تأخذ بالقاعدة - مثلاً - أن ترجع إلى المصادر الأصلية ، ولا تكتفي بالمصادر المتأخرة - مثلاً - وهذه موانع ، وقال لك : ينبغي أن لا تنقل النص دون أن تعزوه إلى صاحبه ، ولا تفعل كذا ، ولا تفعل كذا ؛ فإذن المنهجية طريق منظمة فيها ضوابط وقواعد ، ولها موانع ومحاذير ، الغاية منها في آخر الأمر هي حسن النظر في المسائل والمشكلات المطروحة أو المعروضة .
ولذلك هناك تعريف يجمع النقاط السابقة ويضيف إليها نقطة المنهجية ، فيمكن أن يكون إلى حد ما تعريفاً للتفكير المنهجي بأنه :- كل نشاط عقلي هادف مرن يتصرف بشكل منظم في محاولة لحل المشكلات وتفسير الظواهر المختلفة ، والتنبؤ بها أو الحكم عليها باستخدام منهج معين يتناول بالملاحظة الدقيقة والتحليل والمسائل ، ويخضعها للتجريب في محاولة للوصول إلى القوانين والنظريات أي الحلول الثابتة .
والمنهج هو :- لبّ المعرفة . فالعلم :- في حقيقته هو معرفة منهجية ، والمنهجية عنصر ثابت قد تتغير المعلومات .. قد تتغير النتائج التي توصل إليها المعلومات لكن المنهج ينبغي أن يكون ثابتاً في الوصول إلى المعلومة ، وفي استخدام المعلومة في الوصول إلى النتيجة .
أرجو إن شاء الله أن يكون سياق الحديث فيما يأتي أكثر أيضاً وضوحاً ؛ لأن هذا الموضوع فيه بعض المصطلحات وبعض العبارات والأساليب التي قد تكون فيها شيء من الصعوبة التي تحتاج إلى تركيز وتفكير .