لَقَدْ سَجَمَتْ مِنْ دَمْعِ عَيْنِي عَبْرَةٌ | | وَحُقّ لِعَيْنِي أَنْ تَفِيضَ عَلَى سَعْدِ |
قَتِيلٍ ثَوَى فِي مَعْرَكٍ فُجِعَتْ بِهِ | | عُيُونٌ ذَوَارِي الدّمْعِ دَائِمَةُ الْوَجْدِ |
عَلَى مِلّةِ الرّحْمَنِ وَارِثَ جَنّةٍ | | مَعَ الشّهَدَاءِ وَفْدُهَا أَكْرَمُ الْوَفْدِ |
فَإِنْ تَكُ قَدْ وَدّعْتنَا وَتَرَكْتنَا | | وَأَمْسَيْت فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمَةِ اللّحْدِ |
فَأَنْتَ الّذِي يَا سَعْدُ أُبْت بِمَشْهَدِ | | كَرِيمٍ وَأَتْوَابِ الْمَكَارِمِ وَالْحَمْدِ |
بِحُكْمِك فِي حَيّيْ قُرَيْظَةَ بِاَلّذِي | | قَضَى اللّهُ فِيهِمْ مَا قَضَيْت عَلَى عَمْدِ |
فَوَافَقَ حُكْمَ اللّهِ حُكْمُك فِيهِمْ | | وَلَمْ تَعْفُ إذْ ذُكّرْت مَا كَانَ مِنْ عَهْدِ |
فَإِنْ كَانَ رَيْبُ الدّهْرِ أَمْضَاكَ فِي الْأُلَى | | شَرَوْا هَذِهِ الدّنْيَا بِجَنّاتِهَا الْخُلْدِ |
فَنِعْمَ مَصِيرُ الصّادِقِينَ إذَا دُعُوا | | إلَى اللّهِ يَوْمًا لِلْوَجَاهَةِ وَالْقَصْدِ |
أَلَا يَا لَقَوْمِي هَلْ لِمَا حُمّ دَافِعٌ | | وَهَلْ مَا مَضَى مِنْ صَالِحِ الْعَيْشِ رَاجِعُ |
تَذَكّرْت عَصْرًا قَدْ مَضَى فَتَهَافَتَتْ | | بَنَاتُ الْحَشَى وَانْهَلّ مِنّي الْمَدَامِعُ |
صَبَابَةَ وَجْدٍ ذَكّرَتْنِي أَحِبّةً | | وَقَتْلَى مَضَى فِيهَا طُفَيْلُ وَرَافِعُ |
وَسَعْدٌ فَأَضْحَوْا فِي الْجِنَانِ وَأَوْحَشَتْ | | مَنَازِلُهُمْ فَالْأَرْضُ مِنْهُمْ بَلَاقِعُ |
وَفَوْا يَوْمَ بَدْرٍ لِلرّسُولِ وَفَوْقَهُمْ | | ظِلَالُ الْمَنَايَا وَالسّيُوفُ اللّوَامِعُ |
دَعَا فَأَجَابُوهُ بِحَقّ وَكُلّهُمْ | | مُطِيعٌ لَهُ فِي كُلّ أَمْرٍ وَسَامِعُ |
فَمَا نَكَلُوا حَتّى تَوَلّوْا جَمَاعَةً | | وَلَا يَقْطَعُ الْآجَالَ إلّا الْمَصَارِعُ |
لَقَدْ لَقِيَتْ قُرَيْظَةُ مَاسَآهَا | | وَمَا وَجَدَتْ لِذُلّ مِنْ نَصِيرِ |
أَصَابَهُمْ بَلَاءٌ كَانَ فِيهِ | | سِوَى مَا قَدْ أَصَابَ بَنِي النّضِيرِ |
غَدَاةَ أَتَاهُمْ يَهْوِي إلَيْهِمْ | | رَسُولُ اللّهِ كَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ |
لَهُ خَيْلٌ مُجَنّبَةٌ تَعَادَى | | بِفُرْسَانِ عَلَيْهَا كَالصّقُورِ |
تَرَكْنَاهُمْ وَمَا ظَفِرُوا بِشَيْءِ | | دِمَاؤُهُمْ عَلَيْهِمْ كَالْغَدِيرِ |
فَهُمْ صَرْعَى تَحُومُ الطّيْرُ فِيهِمْ | | كَذَاكَ يَدَانِ ذُو الْعَنْدِ الْفَجُورِ |
فَأَنْذِرْ مِثْلَهَا نُصْحًا قُرَيْشًا | | مِنْ الرّحْمَنِ إنْ قَبِلَتْ نَذِيرِي |
أَلَا يَا سَعْدُ بَنِي مُعَاذٍ | | لِمَا لَقِيَتْ قُرَيْظَةُ وَالنّضِيرُ |
لَعَمْرُك إنّ سَعْدَ بَنِي مُعَاذٍ | | غَدَاةَ تَحَمّلُوا لَهُوَ الصّبُورُ |
فَأَمّا الْخَزْرَجِيّ أَبُو حُبَابٍ | | فَقَالَ لِقَيْنُقَاعِ لَا تَسِيرُوا |
وَبُدّلَتْ الْمَوَالِي مِنْ حُضَيْرٍ | | أُسَيْدًا وَالدّوَائِرُ قَدْ تَدُورُ |
وَأَقْفَرَتْ [url=http://sirah.al-islam.com/places.asp?p=%c7%e1%c8%e6%ed%d1%c9]الْبُوَيْرَةُ مِنْ سَلَامٍ | | وَسَعْيَةَ وَابْنِ أَخْطَبَ فَهْيَ بُورُ |
وَقَدْ كَانُوا بِبَلْدَتِهِمْ ثِقَالًا | | كَمَا ثَقُلَتْ بِمَيْطَانَ الصّخُورُ |
فَإِنْ يَهْلِكْ أَبُو حَكَمٍ سَلَامٌ | | فَلَا رَثّ السّلَاحِ وَلَا دَثُورُ |
وَكُلّ الْكَاهِنِينَ وَكَانَ فِيهِمْ | | مَعَ اللّينِ الْخَضَارِمَةُ الصّقُورُ |
وَجَدْنَا الْمَجْدَ قَدْ ثَبَتُوا عَلَيْهِ | | بِمَجْدِ لَا تُغَيّبُهُ الْبُدُورُ |
أَقِيمُوا يَا سَرَاةَ الْأَوْسِ فِيهَا | | كَأَنّكُمْ مِنْ الْمَخْزَاةِ عُورُ |
تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ لَا شَيْءَ فِيهَا | | وَقِدْرُ الْقَوْمِ حَامِيَةٌ تَفُورُ |