العاقل:
ماهي إنطباعاتك الشخصية عن عالم المجانين؟
المجنون:
عالم المجانين لايخلو من العباقرة وهو عالم ديمقراطي يتمتع فيه الانسان بالحرية ويخلو من العنصريةوالانتهازية والقمع.
العاقل:
وماهي إنطباعاتك الشخصية عن عالم العقلاء؟
المجنون:
عالم العقلاء لايخلو من المجانين وهو عالم مليء بالمتناقضات والمصالح الشخصية والمظاهر المخادعة.. يمارس فيه القتل والاضطهاد والتفرقة العنصرية وشتى انواع التنكيل والتعذيب.
العاقل:
الفرق بين الانسان العاقل والمجنون هو أن العاقل يعرف الصالح من الطالح ويعرف الخير من الشرأما المجنون فانه لا يعي تصرفاته ولايعرف منها شيئا، فماذا ترى ياصاحبي؟
المجنون:
إن العقل البشري ياصاحبي هو سر شقاء الانسان أو تعاسته.. فلا سعادة ولا استقرار طالما أن الأنسان يملك العقل.. فالقطيع سعيد ابداً لأنه لا يفكر كما يفكر الأنسان . ولقد حرمنا نحن المجانين من نعمة العقل لأننا لا نريد ان نفكر كما تفكرون وأن نبطش كما تبطشون.. والتاريخ حافل بهؤلاء من أمثال نيرون وهتلر وترومان.. ألم أقل لك ياصاحبي من قبل بأن عالم العقلاء لايخلو من المجانين؟
العاقل:
يبدو لي ياصاحبي انك إنسان عاقل فما هي الأسباب التي أدت إلى دخولك هذا السجن؟
المجنون:
حين كنا صغار ياصاحبي علمونا ان الوفاء والصدق والأمانة والفضيلة من الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان.. فلما كبرت وبدأت حياتي العملية صدمت بالحقيقة فلم أجد سوى الحقد والكراهية والجشع والطمع.. فلم أقبل أن أبيع نفسي وعلمي كما يباع القطيع في سوق الماشية. فلقد كانوا يريدون أن اكون دمية في أيديهم. فأصفق مع المصفقين. أو أن اؤيد فئة ما على فئة اخرى أو أن أوقع على أشياء قد لا أرغب في التوقيع عليها.. أو أن ألقي خطاباً أو موعظة ترضي أهواءهم أو غرورهم فقدمت استقالتي من منصبي وانطويت على نفسي أعيش وحيداً في بيتي امارس هواياتي الشخصية .. فهالهم أمري واعتبروا ذلك عصياناً أو خروجاً عن الولاء والطاعة فدبروا لي المكائد ووجهوا لي الاتهامات ثم زجوا بي الى هذا السجن وأنا في غيبوبة كاملة
العاقل:
وكيف تقضي أوقاتك بصحبة هؤلاء المجانين؟
المجنون:
عالم المجانين يخلو من التعقيدات أو المظاهر المخادعة .. فلا عنصرية هنا و لا عرقية وتستطيع أن تتحدث إلى أي فرد دون موعد مسبق وبامكانك أن تنصب نفسك إمبراطور او زعيما.. وتستطيع أن تتحدث او ان تعبر عن رأيك في كل شيء فحرية الرأي مكفولة هنا للجميع.. فلا تتردد ياصاحبي في اللحاق بهذه المجموعة التي تعيش حياة الفطرة إذا ما أصبت بالاحباط بعيداً عن الماديات وزخارف الحياة المصطنعة!
__________________