ما أصدق القول في لحظات الموت ، عندما يشعر الإنسان بأنه مفارق لهذه الحياة بكل ما فيها من مُغريات و زخارف فينطلق اللسان معبراً عن أصدق المشاعر دون انتظار محمدة من أحد أو ترّقب مذمّة من مخلوق .
و فيما يلي نورد مقتطفات من حياة طائفة من الصحابة و التابعين و العلماء و علينا أن نتمعّن فيما قالوه و نقرأ ما بين السطور لنأخذ الدرس و العبرة .
1 ـ أبو الدرداء رضي الله عنه :
قالت أم الدرداء : إنّ أبا الدرداء لما احتضر جعل يقول : من يعمل لمثل يومي هذا ؟ من يعمل لمثل ساعتي هذه ؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا ؟! ثم يقول : (( و نُقّلب أفئدتهم و أبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّة )) الأنعام 110 .
2 ـ سلمان الفارسي رضي الله عنه :
عن بقيرة امرأة سلمان قالت : لما حَضَرَ سليمان الموتُ دعاني و هو في علّية لها أربعة أبواب فقال : افتحي هذه الأبواب يا بقيرة فإنّ لي اليوم زواراً لا أدري من أيّ هذه الأبواب يدخلون عليّ
ثمّ دعا بمسكٍ له ثم قال اديفيه في تور ( أي اخلطيه و اذيبيه في الماء ) ففعلت . ثم قال : انضحيه حول فراشي ثم انزلي فامكثي فسوف تطلعين فتريني على فراشي .
فاطلعتُ فإذا هو قد أُخِذَت روحه فكأنه نائمٌ على فراشه .
3 ـ عمرو بن العاص رضي الله عنه :
قال الحسن : بلغني أن عمرو بن العاص دعا حَرَسَهُ عند الموت فقال : امنعوني من الموت .
قالوا : ما كنّا نحسبك تتكلّم بهذا .
قال : قد قلتها و إني لأعلم ذلك و لأن أكون لم أتخذ منكم رجلاً قطّ يمنعني من الموت أحبّ إليّ من كذا و كذا فيا ويح ابن أبي طالب إذ يقول : حَرَس امرأً أجلُه .
ثم قال : اللهم لا بريءٌ فأعتذر و لا عزيز فأنتصر و إن لا تدركني منك رحمة أكن من الهالكين .
4 ـ خالد بن الوليد رضي الله عنه :
قال أبو الزناد : إنّ خالد بن الوليد لما احتضر بكى و قال : لقيتُ كذا و كذا زحفاً و ما في جسدي شبرٌ إلا و فيه ضربة بسيف أو رمية بسهم و ها أنا أموت على فراشي حَتَفَ أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعينُ الجبناء .
5 ـ أنس بن مالك رضي الله عنه :
قيل له في مرضه : ألا ندعو لكَ طبيباً ؟
فقال : الطبيب أمرضني و جعل يقول : لقنوني لا إله إلا الله ـ و هو محتضر ـ فلم يزل يقولها حتى قُبضَ .
6 ـ مالك بن أنس رحمه الله تعالى :
قال ابن أبي أويس : اشتكى مالكٌ أياماً يسيرة فسألت ُ بعض أهلنا عمّا قال عند الموت ، قال ك تشهد ثم قال : لله الأمر من قبلُ و من بعدُ .
7 ـ الإمام الشافعي رحمه الله تعالى :
دخلَ المزنيُّ على الشافعي في مرضه الذي مات فيه فقال له : كيف أصبحت يا أستاذ ؟ فقال : أصبحت من الدنيا راحلاً و لأخواني مفارقاً و لكأس المنية شارباً و على الله وارداً و لسوء أعمالي مُلاقياً .
قال ك ثم رمى بطرفه نحو السماء و استعبر ثم أنشأ يقول :
إليكَ إله الخلق أرفعُ رغبتي
و إن كنتُ يا ذا المنّ و الجود مُجرما
و لمّا قسا قلبي و ضاقت مذاهبي
جعلتُ الرّجا مني لعفوك سلّما
تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته
بعفوك ربي كان عفوك أعظما
8 ـ الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى :
قال بكر العابد : قال أبو حنيفة عند موته : ارحمني و أنا صريعٌ بين أهل الدنيا أعالج نفسي يا أرحم الرّاحمين .
9 ـ الحسن البصري رحمه الله تعالى :
قال ابن عون : لمّا حضرت الحسن الوفاة استرجع ثم أخرج يده فحرّكها ثم قال : هذا و الله منزلةُ صبرٍ و استسلام .
10 ـ هارون الرشيد رحمه الله تعالى :
لما احتضر قال : اللهم انفعنا بالإحسان و اغفر لنا الإساءة يا من لا يموت ارحم من يموت .
11 ـ معروف الكرخي رحمه الله تعالى :
قيل لمعروف الكرخي في علّته : أوص . فقال : إذا متّ فتصدقوا بقميصي هذا فإني أحبُ أن أخرج من الدنيا عرياناً كما دخلت إليها عريانا .
12 ـ مسروق بن الأجدع :
قال علقمة بن مرثد : لما احتضر بكى ، فقيل له : ما هذا الجزع ؟ قال :ما لي لا أجزع !! و إنما هي ساعةٌ و لا أدري أين يُسلك بي . بين يدي طريقان لا أدري إلى الجنّة أم إلى النار .
13 ـ عمرانُ بن حصين رحمه الله تعالى :
قالت مريم بنت صيفي بن فروة : إن عمران بن حصين لمّا احتضر قال : إذا أنا متّ فشدّوني على سريري بعمامة فإذا رجعتم فانحروا و أطعموا .
14 ـ إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي :
حُكي عنه أنه لمّا جاءه الموت جعل يقول : يا حيّ يا قيّوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث و استقبل القبلة و تشهّد .
اللهم ارحمنا برحمتك ، و توفنا مسلمين و ألحقنا بالصالحين ، آمين يا أرحم الراحمين .